اتخذ الفقهاء -رحمهم الله تعالى- مسارَين لتعريف الفقه بعد استقلاله عن غيره من العلوم الشرعية (١):
المسار الأول: ذهب أصحابه إلى أن الفقه حفظ مجموعة من مسائل الأحكام الشرعية العملية الواردة في الوحيَيْن، وما يُستنبط منهما، سواء كان قد حفظها بأدلتها أو لا (٢).
والمسار الثاني: الذي وافق أصحابه قول الأصوليين في تعريف الفقه، فقالوا: إن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية (٣).
[شرح التعريف]
(العلم): معرفة المعلوم على ما هو به (٤)، وضده الجهل بأنواعه.
(الأحكام): الحكم عند الفقهاء هو أثر خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً أو تخييراً أو وضعاً، فالحكم هو الأثر والنتيجة مثل الوجوب والاستحباب ونحوه، وليس الخطاب نفسه (٥).
(الشرعية): المتلقاة من الشرع ومأخوذة منه.
(١) وما قبل استقلاله عرّف بتعريفات شاملة عامة مثل ما نُسب إلى أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- من تعريف الفقه بأنه (معرفة النفس ما لها وما عليها)، وأضاف بعضهم كلمة (عملاً) حتى يُخرج مسائل العقيدة والأخلاق، (ينظر: التوضيح شرح التنقيح، ص: ١٣، الكافي شرح البزدوي، ص: ١/ ١٤٤)، وعلم العقيدة كان يسمى بالفقه الأكبر. (٢) مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، ١/ ٥، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ١/ ٧، رد المحتار على الدر المختار، ١/ ٣٧، ٦/ ٦٩٠، الدر الثمين والمورد المعين، ص: ١١٠. (٣) فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب، ص: ٢٢، المبدع في شرح المقنع، ١/ ١٧، البحر المحيط في أصول الفقه، ١/ ٣٤ - ٣٥، إرشاد الفحول، ١/ ١٧، نهاية السول شرح منهاج الوصول، ص: ١١، الفقه الإسلامي وأدلته، ١/ ٣٠. (٤) العدة في أصول الفقه، ١/ ٧٦. (٥) الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، ١/ ٢٨٦.