عَنْ أبي طَلْحَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا يَسْقُطُ وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ (١).
وبعد ذلك أشرف أبو سفيان بن حرب ونادى على المسلمين فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجِيبُوهُ"، فقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أبي قُحَافَةَ؟ -يعني أبا بكر- قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجِيبُوهُ"، فقال: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ لو كانوا أحياءً لأجابوا، فلم يمَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ الله أَبْقَي الله عليك ما يخزيك، قال أبو سفيان: اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أجِيبُوهُ"، قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ:"قُولُوا الله أَعْلَى وَأَجَلُّ"، قَالَ أبو سفيان: لنا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أجِيبُوهُ"، قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ:"قُولُوا الله مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ"، قَالَ أبو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ (٢)، فَقَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءً، قَتْلَانَا في الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ في النَّارِ، قَالَ أبو سفيان: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ، لَقَدْ خِبْنَا إِذَنْ وَخَسِرْنَا، ثُمَّ قَالَ أبو سُفْيَانَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَوْفَ تَجِدُونَ في قَتْلَاكُمْ مُثْلًا (٣)، وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا (٤)، ثمَّ أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَاكَ وَلَمْ نَكْرَهْهُ (٥).
(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٠٦٨)، كتاب: المغازي، باب: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}، ومسلم (١٨١١)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة النساء مع الرجال. (٢) صحيح: أخرجه البخاري (٤٠٤٣)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد. (٣) مثلاً: أي تمثيلاً بالقتلى. (٤) السراة: الأشراف والكبراء، أي لم يكن ذلك التمثيل بالقتلى عن رأي ورضيً من كبرائنا. (٥) صحيح: أخرجه أحمد (٢٦٠٩)، وصححه أحمد شاكر. أي: قد كان ذلك التمثيل بالجثث ليس عن أمرنا ولكنا لم نكرهه.