الصحابة -رضوان الله عليهم- بِتَكَفُّئِهِ إِذَا مَشَى (١) يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: فَفَرِحَ به الصحابة حَتَّى كَأَنَّهُم لَمْ يُصِبْهم شيء فَرَقِيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهم وَهُوَ يَقُولُ:"اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِهِ"، وَيقُولُ مَرَّةً أُخْرَى:"اللهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا"(٢).
وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا هذا بنبِيِّهِ"، وهو حينئذ يُشِيرُ إلى رَبَاعِيَتِهِ ويقول:"اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ الله فِي سَبِيلِ الله"(٣).
كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَسْلُتُ عن نفسه الدَّمَ وَيَقُولُ:"كَيفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إلى الله"، فَأَنْزَلَ الله - عَزَّ وَجَلَّ-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨](٤).
وعن عبد الله بن مسعود قال: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ:"اللهُمًّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"(٥).
(١) التكفؤ: التمايل إلى قدام. (٢) صحيح: أخرجه أحمد (٢٦٠٩)، الحاكم ٢/ ٢٩٦، ٢٩٧، وصححه وأقره الذهبي، وصححه الشيخ أحمد شاكر. (٣) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٠٧٣)، كتاب: المغازي، باب: ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد، ومسلم (١٧٩٣)، كتاب: الجهاد والسير، باب: اشتداد غضب الله علي من قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٩١)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد. (٥) متفق عليه: أخرجه البخاري (٣٤٧٧)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حدثنا أبو اليمان، ومسلم (١٧٩٢)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد. قال الدكتور أكرم العمري: لقد استبعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يوفق الله من آذوه بهذه الصورة - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ ... "- فأخبره الله سبحانه بأن ذلك ليس ببعيد إن =