قلت: وهو إقرار بأنه لا يحصيه أحد لأنه إذا لم يحصه أعرف الخلق به وأشدهم له عبادة لم يحصه غيره (أنت كما أثنيت على نفسك) أنت مثنى عليك من الخلائق أجمعين ثناء يشبه ثناءك على نفسك على أن الكاف للتشبيه وما مصدرية أو أنت الذي أثنيت على نفسك أي أنت مثنى عليه الثناء الذي أثنيته أنت على نفسك أو الثناء الذي تستحقه نثنيه لك وإن جهلنا ما تستحقه إنما نثنيه بقولنا أنت كما أثنيت على نفسك إذا كانت الكاف زائدة وما موصولة حذف عائدها ثم رأيت في المرقاة أنه سئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام كيف يشبه ذاته بثنائه وهما في غاية التباين؟ فأجاب بأن في الكلام حذفا تقديره ثناؤك المستحق كثنائك على نفسك فحذف المضاف من المبتدأ فصار الضمير المجرور مرفوعًا انتهى. وما ذكرناه أمتن في المعنى (م ٤ عن عائشة)(١).
١٥١٦ - "اللَّهم لك الحمد شكرًا ولك المن فضلًا (طب عن كعب بن عجرة) ".
(اللَّهم لك) لا لغيرك (الحمد شكرًا) لأجل الشكر لك أحمدك أي لأجل شكرك الذي أمرت به {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: ٧](ولك السنن فضلًا) في النهاية (٢): كثيرًا ما يرد المن في كلامهم بمعنى الإحسان إلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه انتهى فالمعنى لك الإحسان تفضلًا منك لا يطلب عليه من الإثابة والجزاء فإنك لو طلبت ذلك لما قام العبد بحق نعمة واحدة من النعم
(١) أخرجه مسلم (٤٨٦)، وأبو داود (٨٧٩)، والترمذي (٣٤٩٣) وقال: حسن. والنسائي (١١٣٠)، وابن ماجه (٣٨٤١) وأخرجه أيضًا: إسحاق بن راهويه (٥٤٤)، وابن خزيمة (٦٧١)، وابن حبان (١٩٣٢)، والبيهقي (١/ ١٢٧). (٢) النهاية (٤/ ٣٦٥).