١٤٩٩ - "اللَّهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا (ت ك عن ابن عمر) "(صح).
(اللَّهم اقسم) اجعل (لنا من خشيتك) خوفك وهو مصدر مضاف إلى المفعول أي من خشيتنا إياك أو إلى الفاعل ويراد الخشية التي تجعلها في قلوب أوليائه وإسنادها إلى الله تعالى لأنه يؤيد بها قلوب عباده الصالحين في تجنب معاصيه (ما تحول به بيننا وبين معاصيك) فإن من خاف عذاب مولاه ترك عصيانه أي لا يتصل منا ولا يتصل بها واقسم لنا (من طاعتك ما تبلغنا به جنتك) وفيه أن بلوغ الجنة بالطاعات وقد سلف فيه الكلام واقسم لنا (من اليقين) وهو خلاف الشك والمراد به عزم القلب وعدم تردده في أن كل ما أصابه لم يكن ليخطأه وكل ما أخطأه لم يكن ليصيبه فلا يحزن على فقد فائت ولا يفرح بآت (ما تهون) ما تخفف (علينا مصيبات الدنيا) هو ناظر إلى الأهم فقد اشتمل على سؤال الإعانة على ترك المعاصي والإعانة على فعل الطاعات والإعانة على تحمل المصيبات وهذه الثلاثة لا يخلو عنها المكلف ما دام في دار الدنيا (ومتعنا) انفعنا (بأسماعنا) فنسمع ما ينفع (وأبصارنا) كذلك (وقوتنا) في الأبدان (ما أحييتنا) مدة حياتنا أو متعنا بإبقائها سالمة عن الاعتلال كما سلف [١/ ٤٣١](واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا) تقدم لفظه ومعناه كما تقدم أيضًا قوله (وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا) فإنها هي المصيبة الحقيقية ولذا يقال:
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه ... فما فاته فيها فليس بضائري