للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فجعل القلوب ثلاثة: قلبين مفتونين وقلبًا ناجيًا فالأَولان القلب الذي فيه مرض والقاسي والثالث القلب الناجي المؤمن المخبت إلى ربه وهو المطمئن له الخاضع المستسلم المنقاد (١) وهو القلب السليم وقد اختلف الناس في حقيقته والقول الجامع أنه الذي يسلم من كل شهوة مخالفة لأمر الله ونهيه ومن كل شبهة تخالف خبره وسلم من عبودية ما سواه وسلم من تحكيم غير مولاه ورسوله وسلم [١/ ٤٢٩] من محبة غير الله معه ومن خوفه ورجاءه والتوكل عليه والإنابة إليه والذل له وإيثار مرضاته في كل حال والتباعد عن سخطه بكل طريق فهذا هو القلب السليم ولما كان القلب ملك الأعضاء والمتصرف فيها وهي جنوده لا تقدم ولا تحجم إلا عن أمره ويستعملها فيما شاء من أوامره فكلها تحتم ملكه وعبوديته وقهره تكسب منه الاستقامة والزيغ فخص الدعاء بسلامته لأنه إذا سلم سلمت جميع الجوارح عن المخالفة وإذا سلمت فكل الناس قد سلموا (وأعوذ بك من شر ما تعلم وأسألك من خير ما تعلم) رد الأمر إليه تعالى في الأمرين تفويضا وإقرارا بالعجز عن معرفة ما ينفعه وما يضره (وأستغفرك مما تعلم) من إتيان ما لا ترضاه (إنك أنت علام الغيوب) هو تعليل للثلاثة أمور (ت ن عن شداد بن أوس) (٢).

١٤٩٦ - "اللَّهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللَّهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون (م عن ابن عباس) " (صح).

(اللَّهم لك أسلمت) أنقدت بما أمرت به (وبك آمنت) تقديم الطرفين للحصر كما أنه في قوله (وعليك توكلت) كذلك وفي (وإليك أنبت) وتقدم


(١) عنوان آخر في الحاشية: (مطلب في القلب السليم).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٤٠٧) والنسائي (٣/ ٥٤). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (١١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>