شر ما تعلم وأسألك من خير ما تعلم وأستغفرك مما تعلم إنك أنت علام الغيوب (ت ن) عن شداد بن أوس".
(اللَّهم إني أسألك الثبات) هو مصدر ثبت على الشيء إذا لازمه ودام عليه (في الأمر) هو ما أمر الله به من فعل واجب أو ترك محرم أي أسألك الملازمة والدوام على فعل ما أمرت به وترك ما نهيت عنه (وأسألك عزيمة الرشد) هي مصدر عزم على الأمر إذا أراد فعله وقطع عليه أو جد في الأمر كما في القاموس (١) والرشد مصدر رشد كنصر وفرح رشدا بضم الراء وسكون الشين ورشدا بفتحها اهتدى أي أسألك إرادة الرشد والجد في فعله فالأول سؤال للدوام على أوامر الله والثاني سؤال على إرادة الهدى والجد في فعله (وأسألك شكر نعمتك) يحتمل أن التاء للوحدة الحقيقية أي شكر نعمة واحدة من نعمك إشارة إلى أن العبد وإن اجتهد في الشكر لم يقم على شكر نعمة واحدة مع سؤاله لمولاه الإعانة ويحتمل أنه للجنس (وحسن عبادتك) أي العبادة المتصفة بالإحسان الذي فسرها حديث: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه"، والمراقبة لله فإن من راقب مولاه أحسن عبادته وإحسان الطاعة أن لا (يشوبها) بشيء من المخالفات لأوامر الله ولا بشيء من الرياء (وأسألك لسانا صادقًا) تقدم (وقلبًا سليماً) من أمراض الشهوات والشبهات (٢).
واعلم أن القلوب ثلاثة مريض وميت وحي وهو السليم وقد أشار الله تعالى إلى الثلاثة في آيات من القرآن في قوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} إلى قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ}[الحج: ٥٢، ٥٣] الآية. ثم {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ}[الحج: ٥٤]
(١) القاموس المحيط (ص ٥٤٣). (٢) وضع المؤلف هنا عنوانًا في الحاشية: (مطلب في تقسيم القلوب).