٢٠٢٣ - حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْنُ هَاشِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بنْ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي قَزْعَةُ قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ، وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، قُلْتُ: لَا أَسْأَلُكُ عَمَّا يَسْأَلُكَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ. وَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ. فَقَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ". فَكَانَتْ رُخْصَةً، فَمِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ. ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ، فَقَالَ: "إِنَّكُمْ مُصَبِّحي عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا". فَكَانَتْ عَزْمَةً، فَأَفْطَرْنَا. ثُمَّ قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذَا الْخَبَر بَيِّنٌ وَاضِحٌ أَنَّ النَبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّاهُمْ عُصَاةً إِذْ عَزَمَ عَلَيْهِمْ فِي الْفِطْرِ لِيَكُونَ أَقْوَى لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ إِذْ قَدْ دَنَوْا مِنْهُمْ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَى مُحَارَبَتِهِمْ، فَلَمْ يَأْتَمِرُوا لِأَمْرِهِ، لِأَنَّ خَبَر جَابِرٍ فِي عَامِ الْفَتْحِ وَهَذَا الْخَبَر فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ أَيْضًا، فَلَمَّا عَزَمَ النَبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ بِالْفِطْرِ، لِيَكُونَ الْفِطْرُ أَقْوَى لَهُمْ، فَصَامُوا حَتَّى كَانَ يُغْشَى عَلَى بَعْضِهِمْ، وَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُظَلَّلَ، وَيُنْضَحَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، فَيَضْعُفُوا عَنْ مُحَارَبَةِ عَدُوِّهِمْ، جَازَ أَنْ يُسَمِّيَهُمْ عُصَاةً إِذْ أَمْرَهُمْ بِالتَّقَوِّي لِعَدُوِّهِمْ، فَلَمْ يُطِيعُوا، وَلَمْ يَتَقَوَّوْا لَهُمْ.
(٩٩) بَاب التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ سُنَّةِ النَبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَغْبَةً عَنْهَا، وَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى تَارِكُ السُّنَّةِ عَاصِيًا إِذَا تَرَكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا، لَا بِتَرْكِهَا (١)، إِذِ التَّرْكُ غَيْر مَعْصِيَةٍ، وَفِعْلُهَا فَضِيلَةٌ
٢٠٢٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْد اللَّه بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
"مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي".
[٢٠٢٣] م الصيام ١٠٢ من طريق عبد الرحمن: مثله؛ د الحديث ٢٠٤٦.(١) في الأصل: "لا أن بتركها"، ولعل الصواب ما أثبتناه.[٢٠٢٤] إسناده صحيح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute