بفضله ورحمته- وذلك في قوله تعالى:{مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ} الآية١. وذكر في موضع آخر أنهم يسقون مع الحميم الغساق؛ كقوله:{هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} ٢، وقوله:{لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً إِلاّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً} ٣؛ والغساق: صديد أهل النار –أعاذنا الله والمسلمين منها-، وأصله: غسقت العين: سال دمعها. وقيل: هو لغة البارد المنتن. والحميم الآني: الماء البالغ غاية الحرارة. والمهل: دُرْدِي٤الزيت أو المذاب من النحاس والرصاص ونحو ذلك، والآيات المبينة لأنواع عذاب أهل النار كثيرة جدا٥.
وأما عدد أبواب جهنم؛ فقد ذكره الشيخ –رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى:{فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} الآية٦فقال: "لم يبين هنا عدد أبوابها، ولكنه بين ذلك في سورة الحجر في قوله جلّ وعلا:{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} ٧أرجو الله أن يعيذنا وإخواننا المسلمين منها ومن جميع أبوابها إنه رحيم كريم"٨.
ثم ذكر -رحمه الله- أن النار تتكلم وتبصر فقال -رحمه الله-: "اعلم أن التحقيق أن النار تبصر الكفار يوم القيامة، كما صرح الله بذلك في قوله
١ سورة إبراهيم، الآيتان [١٦-١٧] . ٢ سورة ص، الآيتان [٥٧-٥٨] . ٣ سورة النبأ، الآيتان [٢٤-٢٥] . ٤ دردي الزيت وغيره: ما يبقى في أسفله. وأصله: ما يركد في أسفل كلّ مائع؛ كالأشربة الأدهان. (لسان العرب ٣/١٦٦) . ٥ أضواء البيان ٢/٤٧٧. ٦ سورة النحل، الآية [٢٩] . ٧ سورة الحجر، الآية [٤٤] . ٨ أضواء البيان ٣/٣٦٢.