ممالك الإسلام واقعة بحمد الله في أحسن المعمور شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، لأنها لا تنتهي إلى غاية الحرارة المفرطة ولا إلى غاية البرد المفرط، إلا فيما قل [١] ، ولا يخرج عن حد المستطاب، وسيأتي بيان ذلك في تحديد كل مملكة، فغاية معمور الجنوب مساكن السودان من عبّاد النيران والأصنام، بما تغلغل من جزاير الهند وأطرافه «١» ، والنصارى بأطراف الحبشة، وعبّاد الحيّات [٢] ، والهمج في سودان المغرب جنوب غانه.
وغاية معمور الشمال من النصارى والهمج ببلاد الصقلب [٣] ، في شماليها أحد قسمي إيران المسمّاة «٢» ببلاد القبجاق [٤] ، وما سامت ذلك الخط من القسطنطينية، وما وراءها إلى جليقية والأرض الكبيرة وجزاير البحر الرومي [٥] .
وغاية معمور الشرق من عباد النيران والأصنام بثالث أقسام توران [٦] من بلاد
[١] وردت بالمخطوط في ما قبل. [٢] وردت بالمخطوط وعبّاد بالحيّات. [٣] بلاد الصقلب هي شعوب تسكن بين جبال الآرال والبحر الأدرياتي في أوروبا الشرقية والوسطى، يتكلمون بلغات تنتمي إلى العائلة الهند وأوروبية، ويقسمون عادة إلى ثلاثة أقسام كبرى: صقالبة الغرب وصقالبة الشرق وصقالبة الجنوب وهم السلاف (انظر الموسوعة العربية الميسرة- أشراق محمد شفيق غربال- دار الشعب- وهم جيل حمر الألوان، صهب الشعور يتاخمون بلاد الخزر في أعالي جبال الروم وقيل بين بلاد البلغار وقسطنطينية (مراصد الاطلاع ٢/٨٤٧) فرانكلين ١٩٥٩ ص ١١٢٦) . [٤] بلاد القبجاق هي بلاد القبجاق والقبجق الواقعة ما بين البحر الأسود وبحر خوارزم شمال بلاد الروم، قاعدتها السراي وهي تابعة لأبناء جوجي بن جنكيزخان (انظر الخرائط المرفقة) . [٥] البحر الرومي: يقصد به البحر الأبيض المتوسط. [٦] توران: هي البلاد الواقعة خلف نهر سيحون، وكانت لتوران بن فريدون- طبقا لشاهنامة الفردوسي والروايات التاريخية القديمة- وينسب الأتراك إلى ثور (انظر فرهنگ أدبيات فارسى- زهرا خانلرى كيا- چاپ سوم تونس ١٣٦٦ ش ص ١٤٧) .