وكما احتاط السلف في التحديث احتاطوا وتثبتوا كذلك في قبول الأخبار من رسول الله ﷺ، قال الذهبي:"كان أبو بكر ﵁ أول من احتاط في قبول الأخبار، فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب (١) أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث فقال: لا أجد لك في كتاب الله شيئًا وما علمت أن رسول الله ﷺ ذكر لك شيئًا، ثم سأل الناس فقام المغيرة وقال: سمعت رسول الله ﷺ يعطيها السدس. فقال: هل معك غيرك؟، فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر ﵁".
واستشار عمر بن الخطاب له الناس في إملاص المرأة (٢)، فقال المغيرة بن شعبة (٣) شهدت النبي ﷺ قضى فيه بغرة عبد أو أمة.
فقال عمر: ائتني بمن يشهد معك. قال: فشهد له محمد بن مسلمة (٤).
وحدث لعمر مثل هذه الحادثة مع كثير من الصحابة منهم هم أبي بن كعب وأبو موسى. وفي رواية: قال عمر لأبي موسى: "أما إني لم أتهمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله ﷺ"(٥).
وعن علي ﷺ قال: "كنت إذا سمعت من رسول الله ﷺ حديثًا
(١) قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي: تابعي ثقة، ولد عام الفتح، وكان من فقهاء أهل المدينة وصالحيهم، مات سنة (٨٦ هـ) وقبل غير ذلك، تهذيب التهذيب (٨/ ٣٤٦، ٣٤٧). (٢) هو أن تزلق الجنين قبل وقت الولادة، النهاية (٤/ ٣٥٦). (٣) المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي: صحابي جليل، أسلم قبل عمرة الحديبية، وشهدها وبيعة الرضوان، وكان من دهاة العرب، مات سنة خمسين عند الأكثر. الإصابة (٣/ ٤٣٣، ٤٣٤). (٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القسامة، باب دية الجنين (٥/ ١١١، ١١٢). (٥) أخرجه الإمام مالك في الموطأ (٢/ ٩٦٤).