وروى البخاري بسنده عن أبي وائل (٢) قال: "جلست إلى شيبة في هذا المسجد، قال: جلس إلي عمر في مجلسك هذا فقال: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين. قلت: ما أنت بفاعل، قال: لم؟ قلت: لم يفعله صاحباك، قال: هما المرءان يقتدى بهما" (٣)
وعن عبد الله بن عمر ﵄ قال: "قيل لعمر: ألا تستخلف؟، قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله ﷺ، فأثنوا عليه، فقال: راغب وراهب (٤) وددت أني نجوت منها كفافًا لا لي ولا علي، لا أتحملها حيًا وميتا" (٥).
(١) أخرجه الدارمي في السنن (١/ ٦٠)، وأورده السيوطي في مفتاح الجنة (ص ٤٦) وعزاه للبيهقي والدارمي. (٢) شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي: أدرك النبي ﷺ ولم يره. قال ابن معين: "ثقة لا يسأل عن مثله، مات سنة (٨٢ هـ). تهذيب التهذيب (٤/ ٣٦١، ٣٦٣). (٣) أخرجه في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بستن رسول الله ﷺ، انظر: فتح الباري (١٣/ ٢٤٩) (ح ١٢٧٥). (٤) قال ابن حجر: "قال ابن بطال: يحتمل أمرين: أحدهما: أن الذين أثنوا عليه إما راغب في حسن رأيي فيه وتقريري له، وإما: راهب من إظهار ما يضره من كراهته. أو المعنى: راغب فيما عندي وراهب مني. أو المراد: الناس راغب في الخلافة وراهب منها، فإن وليت الراغب فيها خشيت أن لا يعان عليها، وإن وليت الراهب منها خشيت أن لا يقوم بها. وذكر القاضي عياض توجيهًا آخر: أنهما وصفان لعمر؛ أي: راغب فيما عند الله، وراهب من عقابه، فلا أعول على ثنائكم وذلك يشغلني عن العناية بالاستخلاف عليكم". فتح الباري (٣/ ٢٠٧). (٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأحكام، باب الاستخلاف واللفظ له. انظر: فتح الباري (١٣/ ٢٥٥، ٢٥٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب الاستخلاف وتركه (٦/ ٤، ٥).