وقد كنت قبل ذلك ابتدأت بشرح الأصل (١) ثم لما سألتني تفسيره واستعجلتني فيه، عملت لك هذا وقصدت الإيجاز والاقتصار في التفسير؛ ليقرب عليك حفظه، وإن امتدت بي الحياة تممت - إن شاء الله - شرحه لك، ولنظرائك المتأدبين. والله جل وعز الموفق لقول الصواب وفعله، وهو حسبي ونعم الوكيل.
فأما قوله:(هذا كتاب اختيار فصيح الكلام).
فإن هذا: اسم مبهم يشار به للمخاطب إلى كل مذكر موجود بحضرته غير بعيد عنه، وأصله عند التحوين البصريين ذا، وأصل ذا: ذيا (٢). وقال الكوفيون: أصل هذا: الذال وحدها، والألف بعدها
(١) أي فصيح ثعلب. (٢) هكذا بياء خفيفة وألف مقصورة، ورأي البصريين في هذه المسألة أن أصل ذا: "ذي" بياء مشددة على وزن "فعل" ثم حذفت اللام للتخفيف فبقي "ذي" ساكن الياء، فقلبت الياء ألفا فصار "ذا". وبعضهم يرى أن أصل ذا: "ذوى" بفتح الواو على وزن "فعل" فحذفت اللام تأكيدا للإبهام، وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وفي الدر المصون ١/ ٨٤: "وهذا كله على سبيل التمرين، وإلا فهذا مبني، والمبني لا يدخله التصريف". وينظر: المنصف ١/ ١٢٢، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٤٦٩، واللامات للهروي ١٨٨، والإنصاف في مسائل الخلاف ٢/ ٦٦٩، وشرح المفصل لابن يعيش ٣/ ١٢٦، وشرح الكافية للرضي ٢/ ٤٧٣، وارتشاف الضرب ١/ ٥٠٥، ولسان العرب ١٥/ ٤٥٠ (ذا).