أنه إنما اعتراه حين قالت امرأة فرعون لفرعون لا تقتل طفلا لا يعرف الجمر من التمر.
فلما دعا له فرعون بهما جميعا تناول جمرة فأهوى بها إلى فيه، فاعتراه من ذلك ما اعتراه، وذكر محمد بن عمر الواقديّ: أن لسان موسى كانت عليه شامة فيها شعرات، ولا يدل القرآن على شيء من ذلك، فليس في قوله تعالى: ﴿وَاُحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي﴾ [طه/ ٢٧] دليل على شيء من ذلك دون شيء، فأقاموا بعده ثلاثين يوما يبكون عليه إلى أن أوحى اللّه تعالى إلى يوشع بن نون بترحيلهم، فقادهم وعبر بهم الأردن في اليوم العاشر من نيسان، فوافوا أريحا، فكان منهم ما هو مذكور في مواضعه، فهذه جملة خبر موسى ﵇.
كنيسة جوجر: هذه الكنيسة من أجلّ كنائس اليهود، ويزعمون أنها تنسب لنبيّ اللّه إلياس ﵇، وأنه ولد بها وكان يتعاهدها في طول إقامته بالأرض إلى أن رفعه اللّه إليه الياس: هو فينحاس بن العازر بن هارون ﵇، ويقال الياسين بن ياسين عيزار بن هارون، ويقال هو إلياهو، وهي عبرانية معناها قادر أزليّ، وعرّب فقيل إلياس، ويذكر أهل العلم من بني إسرائيل أنه ولد بمصر، وخرج به أبوه العازر من مصر مع موسى ﵇ وعمره نحو الثلاث سنين، وأنه هو الخضر الذي وعده اللّه بالحياة، وأنه لما خرج بلعام بن باعورا ليدعو على موسى، صرف اللّه لسانه حتى يدعو على نفسه وقومه، وكان من زنا بني إسرائيل بنساء الأمورانيين وأهل مواب ما كان، فغضب اللّه تعالى عليهم وأوقع فيهم الوباء، فمات منهم أربعة وعشرون ألفا إلى أن هجم فينحاس هذا على خباء فيه رجل على امرأة يزني بها، فنظمهما جميعا برمحه وخرج وهو رافعهما وشهرهما غضبا للّه، فرحمهم اللّه سبحانه ورفع عنهم الوباء، وكانت له أيضا آثار مع نبي اللّه يوشع بن نون، ولما مات يوشع قام من بعده فينحاس هذا هو وكالأب بن يوفنا، فصار فينحاس إماما وكالأب يحكم بينهم، وكانت الأحداث في بني إسرائيل، فساح إلياس ولبس المسوح ولزم القفار، وقد وعده اللّه ﷿ في التوراة بدوام السلامة، فأوّل ذلك بعضهم بأنه لا يموت، فامتدّ عمره إلى أن ملك يهوشا فاط بن أسا بن افيا بن رحبم بن سليمان بن داود ﵉ على سبط يهودا في بيت المقدس، وملك أحؤب بن عمري على الأسباط من بني إسرائيل بمدينة شمرون، المعروفة اليوم بنابلس، وساءت سيرة أحؤب حتى زادت في القبح على جميع من مضى قبله من ملوك بني إسرائيل، وكان أشدّهم كفرا وأكثرهم ركونا للمنكر، بحيث أربى في الشرّ على أبيه وعلى سائر من تقدّمه، وكانت له امرأة يقال لها سيصيال ابنة أشاعل ملك صيدا، أكفر منه بالله، وأشدّ عتوّا واستكبارا، فعبدا وثن بعل الذي قال اللّه فيه