- وَهُوَ الصِّيغَةُ - إِذْ صِيغَةُ الْعَقْدِ أَجْرَاهَا الْعَاقِدُ بِرِضَاهُ وَاخْتِيَارِهِ، وَلَكِنَّ الْخِيَارَ مَنَعَ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الصِّيغَةِ فَوْرًا، فَكَذَا فِي الْهَزْل يُوجَدُ الرِّضَا وَالاِخْتِيَارُ فِي حَقِّ السَّبَبِ، وَلاَ يُوجَدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ (١) .
وَيَقُول عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ: إِنَّ الدَّلِيل عَلَى أَنَّ الْهَزْل لاَ يُنَافِي الأَْهْلِيَّةَ، وَلاَ الاِخْتِيَارَ وَالرِّضَا بِمُبَاشَرَةِ السَّبَبِ أَنَّ الْهَزْل لاَ يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ بِالسُّنَّةِ، وَهِيَ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ (٢) . فَعُلِمَ بِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لاَ يُنَافِي الإِْيجَابَ - أَيِ السَّبَبَ - إِذْ لَوْ كَانَ مُنَافِيًا لِنَفْسِ الْكَلاَمِ وَانْعِقَادِهِ سَبَبًا لَمَا صَحَّ النِّكَاحُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَنْعَقِدُ بِالْكَلاَمِ الْفَاسِدِ؛ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يَنْعَقِدُ بِعِبَارَةِ الْمَجْنُونِ لِفَسَادِهَا، فَعُلِمَ أَنَّ كَلاَمَ الْهَازِل صَحِيحٌ فِي انْعِقَادِهِ سَبَبًا.
وَإِذَا كَانَ الْهَزْل كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُنَافِيًا لِلأَْهْلِيَّةِ، وَلاَ لِوُجُوبِ شَيْءٍ مِنَ الأَْحْكَامِ وَلاَ عُذْرًا فِي وَضْعِ الْخِطَابِ بِحَالٍ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَثَرُ الْهَزْل مَا قُلْنَا: إِنَّهُ يُنَافِي اخْتِيَارَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا بِهِ، فَيَجِبُ تَخْرِيجُ الأَْحْكَامِ مَعَ الْهَزْل
(١) كُشِفَ الأَْسْرَار ٤ / ١٤٧٨، والتوضيح وَالتَّلْوِيح ٢ / ٣٩٤، وتيسير التَّحْرِير ٢ / ٢٩٠، ومشكاة الأَْنْوَار ٢ / ١٠٩.(٢) سَبَقَ تَخْرِيجَهُ فِقْرَة (١) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute