وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ فِي هَذَا النَّوْعِ.
أ - فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا نَذَرَ، أَوْ يُكَفِّرُ عَنْهُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ إِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ، رُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - إِذْ رَجَعَ إِلَيْهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُول بِلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ - وَمَحَل هَذَا التَّخْيِيرِ إِذَا كَانَ النَّاذِرُ لاَ يُرِيدُ تَحَقُّقَ الشَّرْطِ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْل النَّوَوِيِّ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ (١) .
وَاسْتَدَلُّوا بِالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُول.
أَمَّا السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ فَبِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (٢) ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ نَذْرَ فِي غَضَبٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ
(١) الْهِدَايَة وَالْعِنَايَة وَفَتْح الْقَدِير ٤ / ٢٧ - ٢٨، وَالدَّرّ الْمُخْتَار وَرَدّ الْمُحْتَارِ ٣ / ٦٩، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٣ / ٢٩٤، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ٩ ٢١، وَزَاد الْمُحْتَاجِ ٤ / ٤٩٣، وَالْكَافِي ٤ / ٤١٧، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٦ / ٢٧٥.(٢) حَدِيث: " لاَ نُذُرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَكَفَّارَتَهُ كَفَّارَة يَمِين " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (٤ / ١٠٣ ط الْحَلَبِيّ) وَأَعُلْهُ بِأَنَّ الزُّهْرِيّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَلَمَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute