وَتَعْلِيل ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ الأَْفْعَال، إِذْ بِهَا تَظْهَرُ الطَّاعَةُ وَالاِمْتِثَال، وَمَا كَانَ مَالِيًّا مِنْهَا، فَالْمَال مُتَعَلِّقٌ بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْفِعْل، وَقَدْ سَقَطَتِ الأَْفْعَال كُلُّهَا بِالْمَوْتِ، لِتَعَذُّرِ ظُهُورِ طَاعَتِهِ بِهَا فِي دَارِ التَّكْلِيفِ، فَكَانَ الإِْيصَاءُ بِالْمَال الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُهَا تَبَرُّعًا مِنَ الْمَيِّتِ ابْتِدَاءً، فَاعْتُبِرَ مِنَ الثُّلُثِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ بِطَرِيقِ الصِّلَةِ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يُقَابِلُهَا عِوَضٌ مَالِيٌّ، وَالصِّلاَتُ تَبْطُل بِالْمَوْتِ قَبْل التَّسْلِيمِ (١) .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ زَكَاةَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، فَقَالُوا بِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ قَبْل الأَْدَاءِ إِذَا كَانَ الْخَارِجُ، قَائِمًا، فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إِذَا مَاتَ قَبْل أَدَائِهِ (٢) .
الثَّالِثُ: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ لَمْ تُؤَدَّ فِي حَيَاتِهِ، فَلاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الزَّكَاةُ حَالَّةً فِي الْعَامِ الْحَاضِرِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ عَنْ سِنِينَ مَاضِيَةٍ فَرَّطَ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ فِيهَا.
(١) فتح الغفار ٣ / ٩٨، ورد المحتار ٦ / ٧٦٠، وبدائع الصنائع ٢ / ٥٣، وفتح القدير ٢ / ٣٥٩، والمغني ٤ / ١٤٦، والمجموع ٥ / ٣٣٥، ٣٣٦، والمبسوط ٢٧ / ١٤٦.(٢) رد المحتار ٢ / ٣٣٢، وبدائع الصنائع ٢ / ٥٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute