وقال مجاهد: الْمَعْنى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) في صُلْبِ آدَم، وفي وَقْت اسْتِخْرَاج ذُرِّيَّة آدَم مِنْ ظَهْره أمْثَال الذَّرِّ في صُورَة البَشَر.
ويَتَرتَّب في هَذَين القَولَين أنْ تَكُون (ثُمّ) على بَابِهَا في التَّرْتِيب والْمُهْلَة.
وقال ابن عباس والرَّبيع بن أنس: أمَّا (خَلَقْنَاكُمْ) فآدَم، وأمَّا (صَوَّرْنَاكُمْ) فَذُرِّيَّته في بُطُون الأمَّهَات.
وقال قَتادة وغَيره: بَلْ ذَلك كُلّه في بُطُون الأمَّهَات مِنْ خَلْقٍ وتَصْوير.
وخَلص الثعالبي إلى أنَّ " (ثُمَّ) لِتَرْتِيب الإخْبَار بِهَذه الْجُمَل، لا لِتَرْتِيب الْجُمَل في أنْفُسِها"(٢).
واكْتَفَى القاسمي بِنقْل قَول أبي السُّعود، فإنه قال: وإنما نُسِبَ الْخَلْق والتَّصْوير إلى الْمُخَاطَبِين مَع أنَّ الْمُرَاد بِهِما خَلْق آدَم عليه السلام وتَصْويره حَتْمًا، تَوْفِيةً لِمَقَام الامْتِنَان حَقَّه، وتَأكِيدًا لِوُجُوب الشُّكْر عَليهم، بالرَّمْزِ إلى أنَّ لهم حَظًّا مِنْ خَلْقِه عَليه السَّلام وتَصْويره، لِمَا أنهما لَيْسَا مِنْ الْخَصَائص الْمَقْصُورَة عَليه - عليه السلام -
(١) الكشف والبيان، مرجع سابق (٤/ ٢١٨). (٢) لجواهر الحسان، مرجع سابق (٢/ ٥).