{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً} ١ يقولون: منا الصالحون، ومنا قوم دون ذلك، الآية، والقدة من قد، كالقطعة من قطع، وُصفت الطرائق بذلك لدلالتها على القطع والتفرق، قال الحسن: أمثالكم: فمنهم قدرية ومرجئة ورافضة. قال ابن كيسان ٢ لكل فرقة هوى كأهواء الناس.
{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً} ٣ الظن هنا بمعنى اليقين، وهذه صفة أحوال الجن وعقائدهم منهم أخيار وأشرار، وأنهم يعتقدون أن الله عزيز غالب، لا يفوته مطلب، ولا ينجي عنه مهرب.
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً} ٤ يقولون: لما سمعنا القرآن آمنا به، وهذا يدل على أن
١ سورة الجن آية: ١١. ٢ يبدو أنه ابن كيسان أبو الحسن محمد بن أحمد عالم العربية البغدادي تلميذ المبرد وثعلب, وهو صاحب كتاب (معاني القرآن) وكتاب (غريب الحديث) (والمهذب في النحو) ت ٢٩٩ هـ, راجع: شذرات الذهب ج ٢ ص ٢٣٢, وإن كان هناك أيضا صالح بن كيسان المدني مؤدب أبناء عمر بن عبد العزيز الذي كان من فقهاء المدينة الجامعيين بين الحديث والفقه, وهو أحد الثقات في رواية الحديث ت ١٤٠ هـ, راجع: تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٣٩٩, لكن الأول هو الأظهر أنه هو المقصود; لأنه لغوي مفسر للقرآن صاحب كتاب فيه, والتفسير المنقول عنه هنا أقرب إلى التفسير اللغوي. ٣ سورة الجن آية: ١٢. ٤ سورة الجن آية: ١٣.