عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيْعَتِي عِنْدَكَ، فَاحْفَظْهَا.
قَالَ: وَنَزَّلَهَا (١) المَلِكُ مَنْزِلاً مَنْزِلاً، انْزِلْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، وَيَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، فَوَقَّتَ لَهُ وَقْتاً.
فَلَمَّا سَارَ، جَعَلَتِ ابْنَةُ المَلِكِ لاَ تَرْتَفِعُ بِهِ (٢) ، فَتَنْزِلُ حَيْثُ شَاءتْ، وَتَرْتَحِلُ مَتَى شَاءتْ، وَجَعَلَ إِنَّمَا هُوَ يَحْرُسُهَا، وَيَنَامُ عِنْدَهَا.
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: إِنَّمَا كَانَ يَنَامُ عِنْدَهَا.
فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: خَالَفْتَ، وَأَرَادَ قَتْلَهُ.
فَقَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ وَدِيْعَتِي.
فَلَمَّا رَدَّهَا، فَتَحَ الحُقَّ، وَتَكَشَّفَ عَنْ مِثْلِ الرَّاحَةِ، فَفَشَا ذَلِكَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
قَالَ: فَمَاتَ قَاضٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ نَجْعَلُ مَكَانَهُ؟
قَالُوا: فُلاَنٌ.
فَأَبَى، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أَنْظَرَ فِي أَمْرِي.
فَكَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِشَيْءٍ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ.
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ عَلَى القَضَاءِ، فَقَامَ لَيْلَةً، فَدَعَا اللهَ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُ لَكَ رِضَىً، فَارْدُدْ عَلَيَّ خَلْقِي أَصَحَّ مَا كَانَ.
فَأَصْبَحَ، وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَمُقْلَتَيْهِ أَحْسَنَ مَا كَانَتَا، وَيَدَهُ، وَمَذَاكِيْرَهُ (٣) .
أَنْبَأَنَا بِهَا: أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ -يَعْنِي: العَسَّالَ فِي كِتَابِهِ- حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، فَذَكَرَهَا.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ (٤) ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَاكِبٌ، فَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الهِلاَلَ؛ هِلاَلَ شَوَّالٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْطِرُوا.
ثُمَّ قَامَ إِلَى عُسٍّ (٥) مِنْ مَاءٍ،
(١) في الحلية: (ونزله) .
(٢) لا ترتقع به، أي: لا تبالي.
(٣) الحلية ٤ / ٣٥٢، ٣٥٣.
(٤) هو إسرائيل بن يونس تصحف في الحلية إلى: (إسماعيل)
(٥) العس: القدح الضخم.