ولهذا فكلُّ شيء حرَّمه الشَّارع فقليله وكثيره حرام؛ لقول النبيِّ ﷺ:«وما نهيتكم عنه فاجتنبوه»(١).
وعندنا هنا ثلاث حالات: اتِّخاذ، واستعمال، وأكل وشرب.
أمَّا الأكل والشُّرب فيهما فهو حرام بالنَّص، وحكى بعضهم الإجماع عليه (٢).
وأما الاتِّخاذ فهو على المذهب حرام، وفي المذهب قول آخر (٣)، وهو محكِيٌ عن الشَّافعي ﵀ أنه ليس بحرام (٤).
وأما الاستعمال فهو محرَّم في المذهب قولاً واحداً.
والصَّحيح: أن الاتِّخاذ والاستعمال في غير الأكل والشُّرب ليس بحرام؛ لأن النبيَّ ﷺ نهى عن شيء مخصوص وهو الأكل والشُّرب، ولو كان
المحرَّم غيرَهما لكان النبيُّ ﷺ وهو أبلغُ النَّاس، وأبينهم في الكلام ـ لا يخصُّ شيئاً دون شيء، بل إِن تخصيصه الأكل والشرب دليل على أن ما
عداهما جائز؛ لأنَّ النَّاس ينتفعون بهما في غير ذلك.
ولو كانت حراماً مطلقاً لأَمَر النبيُّ ﷺ بتكسيرها، كما كان
(١) رواه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنة: باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ، رقم (٧٢٨٨)، ومسلم، كتاب الفضائل: باب توقيره ﷺ .. ، رقم (١٣٣٧)، من حديث أبي هريرة. (٢) انظر: «المجموع شرح المهذب» (١/ ٢٤٩). (٣) انظر: «الإِنصاف» (١/ ١٤٥). (٤) انظر: «المجموع شرح المهذب» (١/ ٢٤٩)، «المغني» (١/ ١٠٣).