ضربا، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه، وفي ذلك اختصار، مع إعطاء معنى التوكيد المصدري.
وأما حذف جواب الفعل، فإنه لا يكون في الأمر المحتوم، كقوله تعالى:{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} ١، فجزم:{يَخُوضُوا} ، و {وَيَلْعَبُوا} ؛ لأنهما جواب أمر {فَذَرْهُمْ} .
وحذف الجواب في هذا لا يدخل في باب الإيجاز؛ لأنا إذا قلنا: ذرهم أي: اتركهم لا يحتاج ذلك إلى جواب، وكذلك ما يجري مجراه.
وإنما يكون الجواب بالفاء في ماض، كقولنا:"قلت له: اذهب فذهب"، وحينئذ يظهر الجواب المحذوف، كقوله تعالى:{آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا، فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} ٢.
ألا ترى كيف حذف جواب الأمر في هذه الآية؟، فإن تقديره: فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا، فذهبا إليهم، فكذبوهما فدمرناه تدميرا، فذكر حاشيتي القصة أولها وآخرها؛ لأنهما المقصود من القصة بطولها، أعني إلزام الحجة ببعثة الرسل، واستحقاق التدمير بتكذيبهم.
١ سورة الزخرف: الآية ٨٣. ٢ سورة الفرقان: الآيتان ٣٥ و٣٦. ٣ سورة يوسف: الآيات ١١ و١٢ و١٤ و١٥، و"نرتع ونلعب" بالنون فيهما مكي، وشامي وأبو عمرو، وكذلك هو في الأصل، وبانياء فهيما مدني وكوفي. وبكسر العين حجازي من ارتعى يرتعي افتعال من الرعي.