للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال العلاّمة الزَّبيدي في «شرحه على الإحياء» (١) في قول سيدنا عمر: «إنها نعم البدعة» : «وكذا عدَّها العزُّ بنُ عبد السلام (٢) في البدع المستحبة، قال التَّقيّ السُّبكي: هو باعتبار المعنى اللغوي، فإنَّ البدعة في اللغة؛ هو: الشيء الحادث، وأما في الشرع، فإذا أطلق إنما يراد الحادث الذي لا أصل له في الشرع، وقد يطلق مقيداً، فيقال: بدعة هدى، وبدعة ضلالة، فالتراويح على هذا من بدعة الهدى، وكيف يريد عمر خلاف ذلك ويأمر به (٣) ، معاذ الله أن يأمر ببدعة (٤) .


(١) المسمى «إتحاف السادة المتقين» ، والنقل فيه (٣/٤٢١) .
(٢) في كتابه «قواعد الأحكام» (٢/١٧٢-١٧٤) ، وفي «الفتاوى» له (ص ... ١١٦) ، وتبعه تلميذه القرافي في كتابه «الفروق» (الفرق الثاني والخمسون والمئتان) = ... = (٤/٢٠٢-٢٠٥) ، وذلك ضمن كلام فيه أن العلماء قسموا البدع بأقسام أحكام الشريعة الخمسة، انظر مناقشتهم بما لا مزيد عليه في «الاعتصام» (١/٣١٣ وما بعده) ، وتعليقي عليه.
(٣) في مطبوع «الإتحاف» : «بها» .
(٤) كلام السبكي هذا في كتابه الكبير في التراويح، وهو بعنوان «ضوء المصابيح في صلاة التراويح» ، وهو أكبر تصانيفه في هذه المسألة، وله فيها: «تقييد التراجيح في صلاة التراويح» ، و «إشراق المصابيح في صلاة التراويح» وهو مطبوع بمصر قديماً، وضمن «الفتاوى» (١/١٥٥ وما بعد) له، وله فيها: «نور المصابيح في صلاة التراويح» ، و «ضياء المصابيح» ، ومصنَّفَان آخران في ذلك تكملة سبعة، قاله ابنه التاج في «طبقات الشافعية الكبرى» (١٠/٣٠٩) .

قال الزّبيدي في «شرح الإحياء» (٣/٤١٥) : «وقد ألف قاضي القضاة تقي الدين السبكي -رحمه الله- فيما يتعلق بتأكيد سنية صلاة التراويح ثلاث رسائل، أولاها: «ضوء المصابيح في صلاة التراويح» ، وهي في ثمان كراريس، والثانية: «تقييد التراجيح في تأكيد التراويح» كراسة واحدة، والثالثة: «إشراق المصابيح في صلاة التراويح» كراسة واحدة، وقد اطلعت على الأخيرين بخطه» .
قال أبو عبيدة: مما قال في «الإشراق» (ق٣، ٤) بعد كلام -ومن خطّه أنقل، وهذه الرسالة ضمن مجموع في المكتبة الأحمدية بحلب (رقم ٢٠٢) له بخطه، جاء على طرته: «هذا المجموع بخط مؤلّفه ولي الله -تعالى- المجتهد شيخ الإسلام السّبكي الكبير، فهو من عجائب الكتب المتبرَّك (!) فيها» -: «فلما علم عمر ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلم أنَّ الفرائض لا يزاد فيها، ولا ينقص منها بعد موته - صلى الله عليه وسلم -، أقامها للناس، وأحياها، وأمر بها، وذلك سنة أربع عشرة من الهجرة، وذلك شيء دخره الله له، وفضّله به، ولم يُلهم إليه أبا بكر، وإنْ= =كان أفضلَ من عمر، وأشدَّ سبقاً إلى كل خير بالجملة، ولكل واحدٍ منهم فضائل خُصّ بها، ليست لصاحبه، وكان عليّ يستحسن ما فعل عمر من ذلك ويفضّله، ويقول: «نوّر شهر الصوم» ... » .
قلت: أثر عليّ، أخرجه الأثرم -كما في «المغني» (١/٤٥٧) -، وابن عبد البر في «التمهيد» (٨/١١٩) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١٣/ق٩٦) عن إسماعيل بن زياد وإسماعيل ضعيف، ولذا ذكره ابن تيمية في «منهاج السنة» (٤/٢٢٤) بصيغة التمريض.
وأخرجه ابن خزيمة -كما في «مسند الفاروق» (١/١٨٧) وأورد إسناده-، وابن شاهين، والأثرم -كما في «المغني» (١/٤٥٧) - من طريق أبي إسحاق الهمذاني عن علي، قال ابن كثير: «هذا منقطع بين أبي إسحاق وعلي» ، وقال: «وقد رواه بشر بن موسى، عن عبد الرحمن بن واقد، عن عمرو بن جميع، عن ليث، عن مجاهد، عن علي مثله، وهذا منقطع» . وانظر -أيضاً- لتأييد ما مضى: «شعب الإيمان» للبيهقي (٣/٣٣٧) .
وانظر لفتة رائعة عند البخاري في «الصحيح» في محل وضع أثر عمر، وماذا سبقه عند ابن كثير في «مسند الفاروق» (١/١٨٧) .

<<  <   >  >>