عن ذِكر الله عز وجل، وما يُصيبهم من القلق والضياع والحسرة والنَّدامة؛ فمثلًا صاحبُ المُخَدِّرَات-والعياذ بالله-يظن أن طريق سعادته عن طريق هذا الأمر الذي يُهلك صحته، ويهلك عقله، بل ويفسد عليه الضرورات الخمس المعلومة (١)؛ فيظل صاحب هذه المخدرات يتعاطى تلك الحقنة-مثلًا-حتى يصل إلى مرحلة هو يعلم-ويجزم-أنها قد تكون أقوى من أن يتحملها هذا الجسم؛ فتكون سببًا في هلاكه، فيُختم له-والعياذ بالله-بخاتمة سوء؛ فتجده قد مات في دورة المياه-دورة الخلاء-أصبحت نهايته في ذلك المكان، وقتل نفسه بيده، وهذا مصداق قول الله تعالى:{فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[الحشر: ١٩]، فإذا ما اعتنى المسلم بأصل العلم وبأصل الدين-وهو العلم بأسماء الله وصفاته-فإن ذلك سيحرك كوامن الإيمان في النفس، وسيأتي تفصيل ذلك قريبًا؛ فإذا ما ضيع هذا، فإن ذلك يكون سببًا في ضياعه في دنياه وفي أُخراه، فكما يقول ابن القيم:«بل نَسِيَ ما به صلاحُه وفلاحُه في معاشه ومَعاده»(٢)، والعياذ بالله.
فخلاصة الأمر: ضرورة معرفة الحق بدليله، وضرورة معرفة الباطل بِشُبهه حتى يُمكن التصدي له.
وهذا الباب-بحمد الله-أُحكم إحكامًا عظيمًا، ومن آية واحدة تستطيع أن تَستخرج عِدَّة قواعد، كما سيأتيك الآن في بعض هذه القواعد؛ انظر قول الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف: ١٨٠]، و {وَلِلَّهِ} هذه فيها قاعدة. {الْأَسْمَاءُ} فيها قاعدة. {الْحُسْنَى} فيها قاعدة. {فَادْعُوهُ بِهَا} فيها قاعدة. {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي
(١) وهي: (الدِّين والنَّفْس والعقل والعِرض والمال)، وقد جاء الإسلام بحفظها؛ قال الإمام الشاطبي رحمه الله: «اتفقت الأمة-بل سائر الملل-على أنَّ الشريعة وُضِعَت للمحافظة على هذه الضروريات الخمس … ، وعِلْمُها عند الأُمَّة كالضَّروري». «الموافقات» (١/ ٣١). (٢) تَقَدَّم كلامه قريبًا.