فقال المصنف ذاكرًا بعض ما توهمه المعطلة:"فيتخيل أنه إذا كان مستويًا على العرش كان محتاجًا إليه كحاجة المستوي على الفلك والأنعام، فلو انخرقت السفينة لسقط المستوي عليها، ولو عثرت الدّابة لخر المستوي عليها. فقياس هذا أنه لو عدم العرش لسقط الرب تبارك وتعالى، ثم يريد- بزعمه- أن ينفي هذا فيقول: ليس استواؤه بقعود ولا استقرار".
ورد المصنف على هذه الشبهة بعدة ردود
أولًا: أن ما زعمه هذا المعطل من إعطاء لوازم المخلوق للخالق "كان هذا الخطأ من خطئه في مفهوم استوائه على العرش، حيث ظن أنه مثل استواء الإنسان على ظهور الأنعام والفلك".
أي أنه أتي من جهة فهمه لا من جهة ما دل عليه النص، حيث فهم أن استواء الله كاستواء الإنسان الذي من طبيعته أنه يحتاج إلى ذلك الشيء الذي يحمله سواء كان على ظهر دابة أو على ظهر سفينة أو غير ذلك من الأشياء التي يستوى عليها، وذلك ما يطلق عليه ويصطلح عليه بما يسمى قانون الجاذبية حيث عرف أنّ هناك قوّة جذبٍ للأرض تجذب الأجسام نحوهها.
وعرف أن هذه الجاذبية للأرض تكون إلى حد معين في الغلاف الجوي للأرض، وبعد هذه المسافة تتلاشى هذه القوة الجاذبة.
فهذا المعطل وقع في التشبيه أولًا، قال المصنف:"هل هذا إلا جهل محض وضلال ممن فهم ذلك، أو توهمه، أو ظنه ظاهر اللفظ ومدلوله، أو جوَّز ذلك على رب العالمين الغني عن الخلق".
ومثل هذا الكلام ما كان ليصدر من شخص يزعم أنه عالم يتكلم في المسائل الإلهية، وقال المصنف: "بل لو قُدِّر أن جاهلا فهم مثل هذا، أو توهمه لبُيِّن له أن هذا