للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن العقل له حدود يقف عندها ولا يستطيع أن يتجاوزها، خصوصاً فيما يتعلَّق بالله وصفاته وما أخبر به من أمور الغيب، وأما الشرع فلا يقارن بالعقل في هذا المجال، بل ولا في غيره، قال ابن القيّم:» إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النَّقل، لأن الجمع يبن المدلولين، جمع بين النقيضين، وإبطالهما معاً إبطال للنقيضين، وتقديم العقل ممتنع، لأن العقل قد دلّ على صحّة السّمع ووجوب قبول ما أخبر الرسول فلو أبطلنا النّقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، وإذا بطلت دلالته لم يصح أن يكون معارضاً للنقل، لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة الدَّليل «.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن تأويلات المعطلة: "وهم في أكثر ما يتأولونه قد يعلم عقلاؤهم علماً يقيناً أن الأنبياء لم يريدوا بقولهم ما حملوه عليه، وهؤلاء كثيراً ما يجعلون التأويل من باب دفع المعارض، فيقصدون حمل اللفظ على ما يمكن أن يريده متكلم بلفظه، لا يقصدون طلب مراد المتكلم وتفسير كلامه بما يعرف به مراده، وعلى الوجه الذي به يعرف مراده، فصاحبه كاذب علي من تأول كلامه، ولهذا كان أكثرهم لا يجزمون بالتأويل، بل يقولون: يجوز أن يراد كذا، وغاية ما معهم إمكان احتمال اللفظ" (١).

المتن

قال المصنف رحمه الله تعالى: "فيظن المتوهم أنه إذا وصف بالاستواء على العرش كان استواؤه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام، كقوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ • لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} فيتخيل أنه إذا كان مستويًا على العرش كان محتاجًا إليه كحاجة المستوي على الفلك والأنعام، فلو انخرقت السفينة لسقط المستوي عليها، ولو عثرت الدّابة لخر المستوي عليها.


(١) درء تعارض العقل والنقل: ١/ ١١

<<  <  ج: ص:  >  >>