مجاز مرسل علاقته المحلية؛ لأن المعنى الأصلي للفظ "النادي" محل للمعنى المراد الذي هو الأهل, والقرينة استحالة دعاء النادي بمعناه الحقيقي. وكقوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهل القرية "فالقرية" مجاز مرسل علاقته المحلية؛ لأن القرية بمعناها الحقيقي محل لساكنيها، والقرينة استحالة سؤال القرية بمعناها الأصلي أي: على أحد الاحتمالين في المثالين١.
٩- الآلية: أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور آلة, ووسيلة للمعنى المراد, كقوله تعالى:{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} أي: ذكرًا صادقًا وثناء عطرًا فيمن يأتي بعدي من الأمم, ففي {لِسَانَ صِدْقٍ} مجاز مرسل علاقته الآلية؛ لأن اللسان بمعناه الأصلي آلة وواسطة للذكر الحسن الذي هو المعنى المراد، والقرينة: استحالة بقاء هذه الجارحة بمعناها الحقيقي فيمن يأتي من الأمم بعد. ومنه قول الشاعر:"أتاني لسان منك لا أستسيغه" أي: ذكر لا يسر, أطلق عليه اللسان مجازًا مرسلًا؛ لأنه آلة الذكر، وقرينته استحالة إتيان اللسان بمعناه الحقيقي.
١٠- اعتبار ما كان: وهو أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور سابق الحصول على المعنى المراد, كقوله تعالى:{وَآتُوا الْيَتَامَى ٢ أَمْوَالَهُمْ} يريد البالغين، ففي لفظ {الْيَتَامَى} مجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان؛ لأن المعنى الحقيقي "لليتيم" سابق الوجود على المعنى المراد، وهو "البالغ"، والقرينة على أن المراد باليتامى البالغون منهم الأمر بدفع الأموال لهم أي: تمكينهم منها بالتصرف فيها, ولا يكون ذلك إلا بعد البلوغ.
١١- اعتبار ما يكون: أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور مستقبل الحصول ظنًّا أو يقينًا. فالأول كقوله تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} يريد "عنبًا" يئول عصيره إلى خمر، ففي قوله:{خَمْرًا} مجاز مرسل علاقته: اعتبار ما يكون، أي: ما يئول إليه عصيره فيما بعد من الاختمار, فالمعنى الحقيقي للخمر مستقبل الوقوع وإنما
١ والاحتمال الآخر أن يكون مجازًا بالحذف. ٢ اليتامى: جمع يتيم, وهو من الإنسان صغير فقد أباه، ومن الحيوان رضيع فقد أمه.