ينكر وجوده، ولا يفيد التحدث به. وأما نحو "أفعل به" فلا يحذف منه المتعجب منه لغير دليل؛ لأنه فاعل، "وأما قوله" وهو عروة بن الورد: [من الطويل]
٦١٠-
فذلك إن يلق المنية يلقها ... حميدًا وإن يستغن يومًا فأجدر
فحذف المتعجب منه، ولم يكن معطوفًا على مثله، "أي": فأجدر "به" حميدًا، "فشاذ" أو قليل.
"مسألة: وكل من هذين الفعلين وهم: ما أفعله وأفعل به، ممنوع التصرف" اتفاقًا. قاله ابن مالك١، وإليه أشار الناظم بقوله:
٤٧٧-
وفي كلا الفعلين قدمًا لزما ... منع تصرف بحكم حتما
وأجاز هشام أن يؤتى بمضارع "ما أفعله" فتقول: ما يحسن زيدًا، وهو قياس، ولم يسمع، فلا يقدح في الإجماع.
وليس "أفعل" أمرًا من "أفعل" لاختلاف مدلولي٢ الهمزة عند الجمهور، لأنها في التعجب للصيرورة، وفي غيره للنقل، "فالأول" وهو: ما أفعله "نظير: تبارك وعسى وليس" في الجمود وفي ملازمة المضي. "والثاني" وهو أفعل به "نظير "هب" بمعنى: اعتقد، و"تعلم" بمعنى: اعلم" في الجمود وفي ملازمة صيغة الأمر.
"وعلة جمودها تضمنهما معنى حرف التعجب الذي كان يستحق الوضع"
ولم يوضع.
"مسألة: ولعدم تصرف هذين الفعلين" الدالين على التعجب "امتنع أن يتقدم عليهما معمولهما، و" امتنع "أن يفصل بينهما" وبين معموليهما٣ "بغير ظرف أو مجرور، لا تقول: ما زيدًا أحسن"، بتقدم معمول "أحسن" عليه "ولا" تقول:
٦١٠- البيت لعروة بن الورد في ديوانه ص١٥، والأصمعيات ص٤٦، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص٤٢٤، وشرح عمدة الحافظ ص٧٥٥، والمقاصد النحوية ٣/ ٦٥٠، وله أو لحاتم الطائي في الأغاني ٦/ ٣٠٣، وخزانة الأدب ١/ ٩، ١٠/ ١٣، ولحاتم الطائي في الدرر ٢/ ١٠٣، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأغاني ٦/ ٢٩٦، وأوضح المسالك ٣/ ٢٦٠، وشرح ابن الناظم ص٣٢٩، وشرح الأشموني ٢/ ٣٦٤، وشرح ابن عقيل ٢/ ١٥٢، وشرح التسهيل ٣/ ٣٧، وشرح الكافية الشافية ٢/ ١٠٧٩، وهمع الهوامع ٢/ ٣٨. ١ شرح الكافية الشافية ٢/ ١٠٨٠. ٢ في "ب": "مدلول". ٣ في "ب": "ومعمولهما".