وضعف مذهب جمهور البصريين بثلاثة أوجه: أحدها: استعمال الأمر بمعنى الماضين وهو ما لم يعهد والمعهود عكسه. والثاني: استعمال أفعل بمعنى "صار" وهو قليل، والثالث: زيادة الباء في الفاعل.
ورد ابن مالك قول الفراء وموافقيه بأربعة أوجه١:
أحدها: أنه لو كان أمرًا لزم إبراز ضميره.
الثاني: أنه لو كان أمرًا لم يكن الناطق به متعجبًا، كما لا يكون الأمر بالخلف ونحوه حالفًا، ولا خلاف في كونه متعجبًا.
الثالث: أنه لو كان مسندًا إلى ضمير المخاطب لم يلِهِ ضمير المخاطب في نحو: أحسن بك.
الرابع: أنه لو كان أمرًا لوجب له من الإعلال ما وجب لـ: أقم وأبن.
ويجوز حذف الباء إذا كان المتعجب منه "أن" المصدرية وصلتها كقوله "من الطويل"
٦٠٧-
..................................... ... وأحبب إلينا أن يكون المقدما
أي: بأن يكون، دون "أن" المشددة وصلتها لعدم السماع، فهذا حكم اختصت٢ به "أن" عن "أن" ونظيره: عسى أن يقوم. قاله الموضح في الحواشي٣.
وزاد بعضهم في التعجب صيغة ثالثة، وهي "فعل" بضم العين، نحو:{كَبُرَتْ كَلِمَةً}[الكهف: ٥] ، وزاد الكوفيون رابعة وهي: أفعل بغير "ما" فأجازوا تحويل الثلاثي إلى صيغة أفعل، وقالوا: أحسنت رجلا، وأكرمت رجلا بمعنى٤: ما أحسنك وما أكرمك. وزاد بعضهم اسم التفضيل متمسكًا بقول سيبويه٥: إن أفعل وما أفعله وأفعل به في معنى واحد.
١ شرح التسهيل ٣/ ٣٣-٣٤. ٦٠٧- صدر البيت: "وقال نبي المسلمين تقدموا"، وهو لعباس بن مرادس في ديوانه ص١٠٢، والدرر ٢/ ٢٩٢، ٢٩٧، والمقاصد النحوية ٣/ ٦٥٦، وبلا نسبة في الارتشاف ٣/ ٣٤، والجنب الداني ص٤٩، والدرر ٢/ ٥٨٠، وشرح ابن الناظم ص٣٣٢، وشرح الأشموني ٢/ ٣٦٤، وشرح ابن عقيل ٢/ ١٥٧، وشرح التسهيل ٣/ ٣٥، ولسان العرب ١/ ٢٩٢ "حبب"، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٩٣، وهمع الهوامع ٢/ ٩٠، ٩١، ٢٢٧. ٢ في "ب": "اختص". ٣ انظر التسهيل ص١٣٠. ٤ في "ب": "يعني". ٥ الكتاب ٤/ ٩٧.