المسلمون بخير ما بقيت لهم ... وليس بعدك خير حين تفتقد (١)
قال الحاكم:«ولوفتحنا باب الثناء عليه ممن تأخر عن عصره لفني القرطاس، ونفذت الأنفاس، فذاك بحر لا ساحل له»(٢) .
رحلته في طلب الحديث
وأما رحلته لأجل أخذ العلم والحديث من العلماء فقد رحل رحلات واسعات، وكتب عن شيوخ متوافرات، وافية متكاثرات، ونقل عنه أنه قال:«دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، لا أُحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين»(٣) .
كتابه الصحيح وسبب تأليفه
وأما كتابة الصحيح فليس بعد القرآن كتاب أصح منه، وهو أصح من صحيح مسلم على الصحيح، واسمه «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه» كذا سماه هو - رضي الله عنه -.
وروي عنه أنه قال:«صنفت كتاب الصحيح في ستة عشر سنة، وخرجت من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله عز وجل»(٤) .
وسبب تصنيفه لهذا الكتاب ما نقل عنه أنه قال:«رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام كأني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب بها عنه، فسألت بعض المعبرين فقال: أنت تذب الكذب عن حديثه - صلى الله عليه وسلم - فهو الذي حملني على إخراج الصحيح»(٥) .
ونقل عنه أنه قال:«ما وضعت في كتابي هذا حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين»(٦) .
(١) رواه الخطيب في تاريخ بغداد (٢/٢٢) من طريق يحيى بن عمرو بن صالح الفقيه يقول: سمعت أبا العباس محمد بن عبد الرحمن الفقيه يقول: كتب أهل بغداد إلى محمد بن إسماعيل ... فذكره. وانظر: تهذيب الكمال (٢٤/٤٥٨) ، والتقييد (١/٣٣) ، ومقدمة فتح الباري لابن حجر (ص٤٨٥) . (٢) نقله عن الحاكم الحافظ ابن حجر في المقدمة (ص ٤٨٥) وقال: ذكر ذلك في كتابه الكنى. (٣) انظر: سير أعلام النبلاء (١٢/٤٠٧) . (٤) ذكره النووي في تهذيب الأسماء (ص ٩١) . (٥) ذكره النووي في تهذيب الأسماء (ص ٩٢) . (٦) رواه عنه الخطيب في تاريخ بغداد (٢/٩) ،، والمزي في تهذيب الكمال (٢٤/٤٤٣) ، والذهبي في السير (١٢/٤٠٢) ، وانظر: تهذيب التهذيب (٩/٤٢) ، (ص ٩٢) ، وطبقات الحفاظ (ص ٢٥٣) .