الرواية الثامنة: عند ابن أبي حاتم. قال -رحمه الله- في مقدمة كتابه "الجرح والتعديل): "حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة، قال: أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى عبد الله بن محمَّد أمير المؤمنين (وكتب إليه رسالة طويلة وقال فيها:) وقد حدثني الزهري أنه كان في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب بين المهاجرين والأنصار أن لا يتركوا مفرحًا أن يعينوه في فداء أو عقل".
والإسناد مرسل، وسبق الكلام عن مراسيل الزهري.
الرواية التاسعة: عند ابن حزم في (المحلى) وساقه بسنده عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم (*) عن مِقْسم عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: "كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا بين المهاجرين والأنصار أن يعقلوا معاقلهم ويفْدوا عانيهم بالمعروف والإصلاح بين الناس" ثم قال -رحمه الله-: "فيه حجاج بن أرطأة، وهو ساقط، وفيه مِقسم وهو ضعيف (٢٥)"
مما سبق يتبين أنه لم يثبت لهذه الحادثة المشهورة إسناد صحيح سالم من علة قادحة، ولذا لم يوردها الإِمام الكبير أبو عبد الله الذهبي في كتابه المشهور:(تاريخ الإِسلام) في الجزء الخاص بالمغازي الذي يبدأ من الهجرة النبوية المباركة، وقد قال -رحمه الله- في مقدمة الكتاب: "وأُشير إلى الوقائع الكبار .. (٢٦)"
فلم يُشر إلى هذه الحادثة رغم أهميتها، فكأن ذلك -والله أعلم- لأنها لم تصحّ عنده. وكذا الإِمام النوري -رحمه الله- في:(تهذيب الأسماء واللغات) فلم يُشر إليها في جملة الأمور المشهورة حيث قال عن حوادث السنة الأولى: "فيها بني النبي - صلى الله عليه وسلم -
(*) في الأصل: الحكم بن مقسم وهو خطأ. (٢٥) المحلى، (١١/ ٤٥) تحقيق أحمد شاكر، دار التراث، القاهرة. (٢٦) تاريخ الإِسلام. المغازي. تحقيق: عمر تدمري. دار الكتاب العريي، بيروت، الطبعة الأولى ١٤٠٧ ص: ٢٢.