فَبَلَغَتِ الْآيَاتُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا تِسْعَ آيَاتٍ.
وَالْمُتَّجَهُ: أَنَّهَا كُلَّهَا مَكِّيَّةٌ وَأَنَّ مَا يُخَيَّلُ أَنَّهُ نَزَلَ فِي قَصَصٍ مُعَيَّنَةٍ إِنْ صَحَّتْ أَسَانِيدُهُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ التَّمَثُّلُ بِهِ فِي تِلْكَ الْقَصَصِ فَاشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ بِأَنَّهُ سَبَبُ نُزُولٍ.
وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ [الزمر: ١٠] أَنَّهَا نَزَلَتْ قُبَيْلَ هِجْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْحَبَشَةِ، أَيْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ. وَهِيَ السُّورَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ فِي تَرْتِيبِ النُّزُولِ عَلَى الْمُخْتَارِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ سَبَأٍ وَقَبْلَ سُورَةِ غَافِرٍ. وَعُدَّتْ آيَاتُهَا عِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمَكِّيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَعِنْدَ أَهْلِ الشَّامِ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ خَمْسًا وَسَبْعِينَ.
أَغْرَاضُهَا
ابْتُدِئَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِمَا هُوَ كَالْمُقَدِّمَةِ لِلْمَقْصُودِ، وَذَلِكَ بِالتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الْقُرْآنِ تَنْوِيهًا تَكَرَّرَ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ (١) مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَامِعٌ لِأَغْرَاضِهَا. وَأَغْرَاضُهَا كَثِيرَةٌ تَحُومُ حَوْلَ إِثْبَاتِ تفرد الله تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ وَإِبْطَالِ الشِّرْكِ فِيهَا. وَإِبْطَال تعلللات الْمُشْرِكِينَ لِإِشْرَاكِهِمْ وَأَكَاذِيبِهِمْ. وَنَفْيِ ضَرْبٍ مِنْ ضُرُوبِ الْإِشْرَاكِ وَهُوَ زَعْمُهُمْ أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا.
وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ بِدَلَائِلِ تَفَرُّدِهِ بِإِيجَادِ الْعَوَالِمِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ، وَبِتَدْبِيرِ نِظَامِهَا وَمَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُنْكِرُ الْمُشْرِكُونَ انْفِرَادَهُ بِهِ.
(١) هِيَ قَوْله: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْآيَتَيْنِ وَقَوله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ الْآيَة، وَقَوله:وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ الْآيَتَيْنِ، وَقَوله: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ الْآيَة، وَقَوله: اتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ الْآيَة، وَقَوله: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي الْآيَة. [.....]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute