عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من لا يرحم لا يرحم» . [أخرجه البخاري في باب- رحمة الولد وتقبيله ومعانقته- وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي «١» بألفاظ متقاربة] .
للحديث سبب، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قبّل الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد، ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:«من لا يرحم لا يرحم» .
الرحمة بالناس. بل بالحيوان. عاطفة شريفة وخليقة محمودة، ولقد مدح الله بها رسوله في قوله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «٢» ، وضدها القسوة التي عاقب الله بها اليهود. لما نقضوا العهود؛ إذ يقول: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً «٣» .
فالرحمة فضيلة. والقسوة رذيلة. والرحمة تكون بالأبناء، وأثرها تقبيل ومعانقة كما صنع الرسول صلى الله عليه وسلم بالحسن. وتأديب وتربية وإجابة رغائب- ما دامت في سبيل المصلحة- وإبعاد من الشر.
وتكون بالآباء والأمهات وأثرها قول كريم، وصنع جميل، وطاعة في غير معصية وخدمة صادقة وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً «٤» ، وتكون بالأقرباء، وأثرها بر وصلة، وزيارة ومودة، وسعي في مصلحة، ودفع لمضرة، وتكون بين
(١) رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (٥٩٩٧) . ورواه مسلم في كتاب: الفضائل، باب: رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه (٥٩٨٢) . ورواه أبو داود في كتاب: الأدب، باب: في قبلة الرجل ولده (٥٢١٨) . ورواه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في رحمة الولد (١٩١١) . (٢) سورة التوبة، الآية: ١٢٨. (٣) سورة المائدة، الآية: ١٣. (٤) سورة الإسراء، الآية: ٢٤.