وَقَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: ١٢٤] لَا يَعْنِي أَنِّي خَالِقُك لِلنَّاسِ إمَامًا لِأَنَّ خَلْقَ إبْرَاهِيمَ كَانَ مُتَقَدِّمًا قَالَ إبْرَاهِيمُ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: ١٢٦] ، وَقَالَ: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ} [إبراهيم: ٤٠] لَا يَعْنِي، خَلَقَنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ} [آل عمران: ١٧٦] لَا يَعْنِي يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ لَا يَخْلُقَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ لِأُمِّ مُوسَى {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: ٧] لَا يَعْنِي وَخَالِقُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ أُمَّ مُوسَى أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهَا ثُمَّ يَجْعَلَهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مُرْسَلًا، وَقَالَ: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} [الأنفال: ٣٧] لَا يَعْنِي فَيَخْلُقَهُ فِي جَهَنَّمَ، وَقَالَ: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص: ٥] وَقَالَ: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: ١٤٣] لَا يَعْنِي خَلَقَهُ دَكًّا وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَمَا كَانَ عَلَى مِثَالِهِ لَا يَكُونُ عَلَى مَعْنَى خَلَقَ.
فَإِذَا قَالَ تَعَالَى جَعَلَ عَلَى مَعْنَى خَلَقَ وَقَالَ جَعَلَ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى خَلَقَ فَبِأَيِّ حُجَّةٍ قَالَ الْجَهْمِيُّ جَعَلَ عَلَى مَعْنَى الْخَلْقِ، فَإِنْ رَدَّ الْجَهْمِيُّ الْجَعْلَ إلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ فِيهِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣] يَقُولُ جَعَلَهُ جَعْلًا عَلَى مَعْنَى فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى خَلَقَ.
وَقَالَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: ٢] ، وَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute