فيقوم إليه رجل ممن كان معنا، فأخبر عليًّا، ثم مضى مولاي إلى علي يسلم عليه، وجاء سفيان يُسلم عليه، فقال له علي:" يا أبا عبد الله! ما حملك على أن ذكرتَ أخي أمسِ بما ذكرته؟ ما يُؤمنك أن تبلغ هذه الكلمة ابن أبي جعفر، فيبعث إليه، فيقتله؟ "، قال: فنظرت إلى سفيان وهو يقول: " أستغفر الله "، وجادتا عيناه) (١).
- وعن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: (كنا مع رجاء بن حَيْوَة، فتذاكرنا شكر النعم، فقال:" ما أحد يقوم بشكر نعمة "؛ وخَلْفَنا رجل على رأسه كساء، فقال:" ولا أمير المؤمنين؟ "، فقلنا:" وما ذِكْر أمير المؤمنين هنا! وانما هو رجل من الناس "، قال: فغفلنا عنه، فالتفت رجاء فلم يره، فقال:" أُتيتم من صاحب الكساء، فإنْ دُعيتم فاستُحْلِفتم فاحلفوا "؛ قال: فما علمنا إلا بحَرَسِي قد أقبل عليه (٢)، قال:" هِيه يا رجاء، يُذكَر أمير المؤمنين، فلا تحتج له؟! "، قال: فقلت: " وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ "، قال:" ذكرتم شكر النعم، فقلتم: ما أحد يقوم بشكر نعمة، قيل لكم: ولا أمير المؤمنين؟، فقلتَ: أمير المؤمنين رجل من الناس! "، فقلت:" لم يكن ذلك "؛ قال:" آللهِ؟ "، قلت:" آلله "، قال: فأمر بذلك الرجل الساعي، فضُرب سبعين سوطًا، فخرجت وهو متلوِّث بدمه، فقال:" هذا وأنت رجاء بن حيوة؟ "، قلت:" سبعين سوطًا في ظهرك خير من دم مؤمن "، قال ابن جابر: فكان رجاء بن حيوة بعد ذلك إذا جلس في مجلس يقول ويتلفَّت: " احذروا صاحب الكساء ") (٣).
* * *
(١) " سير أعلام النبلاء " (٧/ ٣٦٦). (٢) يبدو أن في هذا الموضع سقطًا، ولعله: " فاصطحبه، وأدخله على أمير المؤمنين ". (٣) " سير أعلام النبلاء " (٤/ ٥٦١).