وبالله وحده، ثم بالخوف من حُبوط العمل نجا أهل العلم والإيمان من الرياء وحبوط العمل، فعن محمد بن لبيد - رضي الله عنه - يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر))، قالوا: وما الشرك الأصغر
يا رسول الله؟ قال:((الرياء، يقول الله - عز وجل - لهم يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)) (٢).
ولهذا الخطر العظيم خاف الصحابة والتابعون وأهل العلم والإيمان من هذا البلاء الخطير، ومن ذلك الأمثلة الآتية:
١ - قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}(٣)، قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله: أهو الذي يزني، ويسرق، ويشرب الخمر؟ قال:((لا يا بنت أبي بكر (أو يا بنت الصدّيق) ولكنه الرجل يصوم، ويتصدّق، ويصلّي وهو يخاف ألا يُتقبَّل منه)) (٤).
٢ - قال ابن أبي مُليكة: ((أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلُّهم يخاف النفاق على نفسه، وما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل
(١) انظر: الإخلاص والشرك الأصغر، ص١٥. (٢) أحمد في المسند، ٥/ ٤٢٨، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/ ٤٥. (٣) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠. (٤) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب: التوقي في العمل، ٢/ ١٤٠٤، برقم ٤١٩٨، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، بابٌ: ومن سورة ((المؤمنون))، ٥/ ٣٢٧، برقم ٣١٧٥، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٦٢، وفي صحيح ابن ماجه، ٢/ ٤٠٩.