وقد بيّن - صلى الله عليه وسلم - أن القبور ليست مواضع للصلاة، وأن من صلى عليه وسلم فستبلغه صلاته، سواء كان بعيداً عن قبره أو قريباً، فلا حاجة لاتخاذ قبره عيداً:((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) (١).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن للَّه ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام)) (٢).
وإذا كان قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل قبر على وجه الأرض وقد نهى عن اتخاذه عيداً، فغيره أولى بالنهي كائناً ما كان (٣).
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يطهر الأرض من وسائل الشرك، فيبعث بعض أصحابه إلى هدم القباب المشرفة على القبور، وطمس الصور، فعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -؟ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)) (٤).
وكما سد - صلى الله عليه وسلم - كل باب يوصّل إلى الشرك، فقد حمى التوحيد عما يقرب منه ويخالطه من الشرك وأسبابه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تشدوا
(١) أبو داود، كتاب المناسك، باب زيارة القبور، ٢/ ٢١٨، (رقم ٢٠٤٢) بإسناد حسن، وأحمد، ٢/ ٣٥٧، وانظر: صحيح سنن أبي داود، ١/ ٣٨٣. (٢) النسائي في السهو، باب السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ٣/ ٤٣، (رقم ١٢٨٠)، وأحمد، ١/ ٤٥٢، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم ٢١، ص٢٤، وسنده صحيح. (٣) انظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية لعبد الرحمن بن قاسم، ٦/ ١٦٥ - ١٧٤. (٤) مسلم، كتاب الجنائز، الأمر بتسوية القبر، ١/ ٦٦٦، (رقم ٩٦٩).