الصدقة الثالثة: تصدُّقه بماله كله وعمر بالنصف في غزوة تبوك:
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أبقيت لأهلك؟)) قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ما عنده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أبقيت لأهلك؟)) قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: والله لا أسبقه إلى شيء أبداً)) (١).
وأبو بكر ره أولى الأمة بقوله تعالى:{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى}(٢).
[٢ - صدقات عثمان - رضي الله عنه -:]
كان عثمان - رضي الله عنه - من الأغنياء الذين أغناهم الله - عز وجل -، وكان صاحب تجارة وأموال طائلة؛ ولكنه استخدم هذه الأموال في طاعة الله - عز وجل - ابتغاء مرضاته وما عنده، وصار سبَّاقاً لكل خير، ينفق ولا يخشى الفقر.
ومما أنفقه - رضي الله عنه - من نفقاته الكثيرة على سبيل المثال ما يأتي:
(١) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ٥/ ٦١٤، رقم ٣٦٧٥، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأبو داود في الزكاة، باب الرخصة في ذلك - أي الرخصة في إخراج المال كله -، ٢/ ١٢٩، رقم ١٦٧٨، والدارمي في الزكاة، باب الرجل يتصدق بجميع ما عنده، ١/ ٣٢٩، رقم ١٦٦٧، والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، ١/ ٤١٤، وأبو نعيم في الحلية، ١/ ٣٢. (٢) سورة الليل، الآيات: ١٧ - ٢١. وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك. انظر: تفسير ابن كثير، ٤/ ٥٢٢.