علمت أنها مشية يكرهها الله إلا بين الصفين؟ فقال المهلب: أما تعرفني؟ قال: بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة، فانكسر وقال: الآن عرفتني حق المعرفة (١).
قال الفقيه السمرقندي: اعلم أن الكبر من أخلاق الكفار والفراعنة، والتواضع من أخلاق الأنبياء والصالحين؛ لأن الله تعالى وصف الكفار بالكبر فقال:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}(٢)، وقال:{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}(٣)، وقال:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(٤)، وقال:{ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}(٥)، وقال:{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}(٦).
وقد مدح الله عباده المؤمنين بالتواضع فقال:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}(٧)، يعني متواضعين، ومدحهم
(١) السير ٥/ ٣٦٢. (٢) سورة الصافات، الآية: ٣٥. (٣) سورة العنكبوت، الآية: ٣٩. (٤) سورة غافر، الآية: ٦٠. (٥) سورة غافر، الآية: ٧٦. (٦) سورة النحل، الآية: ٣٢. (٧) سورة الفرقان، الآية: ٦٣.