وَلِهَذَا قَالَ " فهزموهم بِإِذن الله " أَي بحول الله [وقوته (١) ] لابحولهم، وَبِقُوَّةِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ لَا بِقُوَّتِهِمْ وَعَدَدِهِمْ، مَعَ كَثْرَةِ أَعْدَائِهِمْ وَكَمَالِ عَدَدِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: " وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تشكرون ".
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْملك وَالْحكمَة وَعلمه مِمَّا يَشَاء " فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَجَاعَةِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّهُ قَتَلَهُ قَتْلًا أَذَلَّ بِهِ جُنْدَهُ وَكَسَّرَ (٢) جَيْشَهُ، وَلَا أَعْظَمَ مِنْ غَزْوَةٍ يَقْتُلُ فِيهَا مَلِكٌ عَدُوَّهُ فَيَغْنَمُ
بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَمْوَالَ الْجَزِيلَةَ وَيَأْسِرُ الْأَبْطَالَ وَالشُّجْعَانَ [وَالْأَقْرَانَ (٣) ] وَتَعْلُو كَلِمَةُ الْإِيمَانِ عَلَى الْأَوْثَانِ (٤) وَيُدَالُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَيَظْهَرُ الدِّينُ الْحَقُّ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَوْلِيَائِهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ السُّدِّيُّ فِيمَا يَرْوِيهِ أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَصْغَرَ أَوْلَادِ أَبِيهِ وَكَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ ذَكَرًا، كَانَ سَمِعَ طَالُوتُ مَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ يُحَرِّضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى قَتْلِ جَالُوتَ وَجُنُودِهِ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ قَتَلَ جَالُوتَ زَوَّجْتُهُ بِابْنَتِي وَأَشْرَكْتُهُ فِي مُلْكِي، وَكَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْمِي بِالْقَذَّافَةِ وَهُوَ الْمِقْلَاعُ رَمْيًا عَظِيمًا، فَبَيْنَا هُوَ سَائِرٌ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ نَادَاهُ حَجَرٌ أَنْ خُذْنِي فَإِنَّ بِي تَقْتُلُ جَالُوتَ.
فَأَخَذَهُ ثُمَّ حَجَرٌ آخَرُ كَذَلِكَ ثُمَّ آخَرُ كَذَلِكَ، فَأَخَذَ الثَّلَاثَةَ فِي مِخْلَاتِهِ فَلَمَّا تَوَاجَهَ الصَّفَّانِ بَرَزَ جَالُوتُ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ دَاوُدُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ فَإِنِّي أكره قَتلك.
فَقَالَ: لكني
(١) من ا.(٢) ط: وكسره.(٣) لَيست فِي ا (٤) ا: كلمة الله على الاديان.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute