فَلَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ، أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ، " فَرجع مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسَفًا " فَقَالَ لَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ مِمَّا فِي الْقُرْآنِ " وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ " وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ مِنَ الْغَضَبِ.
ثُمَّ إِنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ بِعُذْرِهِ واستغفر لَهُ، وَانْصَرف (١) إِلَى السَّامِرِيِّ فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صنعت؟ قَالَ: قبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول وفطنت لَهَا وعميت عَلَيْكُم " فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ، وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ، وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثمَّ لننسفنه فِي اليم نسفا " وَلَو كَانَ إِلَهًا لم يخلص إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ.
فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالْفِتْنَةِ، وَاغْتَبَطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلَ رَأْيِ هرون، فَقَالُوا لجماعتهم: يَا مُوسَى سل لنا [رَبك (٢) ] أَن يفتح لنا بَاب تَوْبَة نصنعها فتكفر عَنَّا مَا عَملنَا.
فَاخْتَارَ مُوسَى من قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِذَلِكَ، لَا يَأْلُو الْخَيْرَ من خِيَارَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْحق، فَانْطَلَقَ بِهِمْ يَسْأَلُ لَهُمُ التَّوْبَةَ فَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ.
فَاسْتَحْيَا نَبِيُّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ وَفْدِهِ حِينَ فُعِلَ بِهِمْ مَا فعل فَقَالَ: " رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ، أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا؟ " وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ اللَّهُ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى مَا أشْرب قلبه من حب الْعجل وإيمانه بِهِ، فَلِذَلِكَ رَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَقَالَ: " وَرَحْمَتِي وسعت كل شئ، فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا
(١) ا: فَانْصَرف.(٢) لَيست فِي ا.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute