الْمُنْقَضِيَةِ لَا مَحَالَةَ، وَرَغَّبَهُمْ فِي طَلَبِ الثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِي لَا يُضَيِّعُ عَمَلَ عَامِلٍ لَدَيْهِ، الْقَدِير الَّذِي ملكوت كل شئ بِيَدَيْهِ.
الَّذِي يُعْطِي عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرًا، وَمِنْ عَدْلِهِ لَا يُجَازَى عَلَى السَّيِّئَةِ إِلَّا مِثْلَهَا، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ، الَّتِي من وافاها - مُؤمنا قد عمل الصَّالِحَات - فَلهُ الدَّرَجَات (١) الْعَالِيَاتُ، وَالْغُرَفُ الْآمِنَاتُ، وَالْخَيْرَاتُ الْكَثِيرَةِ الْفَائِقَاتُ، وَالْأَرْزَاقُ الدَّائِمَةُ الَّتِي لَا تَبِيدُ، وَالْخَيْرُ الَّذِي كُلُّ مَا لَهُمْ مِنْهُ فِي مَزِيدٍ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي إِبْطَالِ مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَتَخْوِيفِهِمْ مِمَّا يصيرون إِلَيْهِ، فَقَالَ: " وَيَا قوم مَالِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لَا جرم أَن مَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ، وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب ".
كَانَ يَدعُوهُم إِلَى عبَادَة رب السَّمَوَات والارض، الَّذِي يَقُول للشئ كُنْ فَيَكُونُ، وَهُمْ يَدْعُونَهُ إِلَى عِبَادَةِ فِرْعَوْنَ الْجَاهِلِ الضَّالِّ الْمَلْعُونِ! وَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ عَلَى سَبِيل الانكار: " وَيَا قوم مَالِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ".
(١) ط: فَلهم الجنات العاليات.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute