عَلَيْهِ، وَكَلَّمَهُ مِنْهُ إِلَيْهِ: قَدْ كُنْتُ مُشَاهِدًا لَكَ وَأَنْتَ فِي دَارِ فِرْعَوْنَ، وَأَنْتَ تَحْتَ كَنَفِي وَحِفْظِي وَلُطْفِي، ثُمَّ أَخْرَجْتُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى أَرْضِ مَدْيَنَ بِمَشِيئَتِي وَقُدْرَتِي وَتَدْبِيرِي، فَلَبِثْتَ فِيهَا سِنِينَ " ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ " أَيْ مِنِّي لِذَلِكَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ تَقْدِيرِي وَتَسْيِيرِي " وَاصْطَنَعَتْكَ لِنَفْسِي " أَيْ اصْطَفَيْتُكَ لِنَفْسِي بِرِسَالَتِي وَبِكَلَامِي.
" اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذكري "، يَعْنِي وَلَا تفترا فِي ذكري إِذا قَدِمْتُمَا (١) عَلَيْهِ وَوَفَدْتُمَا إِلَيْهِ (٢) ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَوْنٌ لَكمَا على مخاطبته ومجاوبته، وَأَدَاء (٣) النَّصِيحَةِ إِلَيْهِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: " إِنَّ عَبْدِي كُلَّ عَبْدِي الَّذِي يَذْكُرُنِي (٤) وَهُوَ مُلَاقٍ (٥) قرنه " وَقَالَ تَعَالَى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا الله كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون (٦) " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: " اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يخْشَى " وَهَذَا مِنْ حِلْمِهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ (٧) وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِخَلْقِهِ، مَعَ عِلْمِهِ بِكُفْرِ فِرْعَوْنَ وَعُتُوِّهِ وَتَجَبُّرِهِ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ أَرْدَى خَلْقِهِ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ صَفْوَتَهُ مِنْ خَلَقَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَمَعَ هَذَا يَقُولُ لَهُمَا وَيَأْمُرُهُمَا أَنْ يَدْعُوَاهُ إِلَيْهِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، وَيُعَامِلَاهُ [بألطف (٨) ] مُعَاملَة من يرجوا أَن يتَذَكَّر أَو يخْشَى.
(١) ا: إِذا دخلتما (٢) ا: عَلَيْهِ.(٣) ط: وإهداء.(٤) ا: لمن يذكرنِي.(٥) ا: وَهُوَ مناجز قرنه.(٦) سُورَة الانفال ٤٥.(٧) ا: وَعلمه.(٨) من ا.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute