ثم قال ابن حزم:[فقطع عليه الصلاة والسلام أن لا تجزئ جذعة عن أحد بعد أبي بردة، فلا يحل لأحد تخصيص نوع دون نوع بذلك، ولو أن ما دون الجذعة يجزئ لبيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - المأمور بالبيان من ربه تعالى:} وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا {](١).
ويرى ابن حزم أن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تجزئ جذعة عن أحد بعدك) ناسخ لكل الروايات الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والآثار الواردة عن الصحابة بإجازة الجذع في
الأضحية (٢).
ويضاف إلى ذلك أن ابن حزم يضعف حديث جابر الذي احتج به الجمهور حيث قال:
[ ... وأما نحن فلا نصححه لأن أبا الزبير مدلس، ما لم يقل في الخبر إنه سمعه من
جابر ... ] (٣).
أدلة الأوزاعي:
ومن الحجة للأوزاعي على إجزاء الجذع مطلقاً في الأضحية حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -:
(أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنماً يقسمها على صحابته ضحايا فبقي عتود فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
فقال: ضح أنت بها) رواه البخاري ومسلم وقد مضى.
ونقل الإمام النووي عن أبي عبيد من أهل اللغة وغيره: أن العتود من أولاد المعز، وهو ما رعى وقوي.
ويجاب عن هذا الحديث بأن البيهقي رواه وفيه زيادة وهي:(ولا رخصة لأحد فيها بعدك)
ثم قال البيهقي:[فهذه الزيادة إذا كانت محفوظة كانت رخصة له كما رخص لأبي بردة بن نيار](٤).
وقال الحافظ ابن حجر مصححاً لهذه الزيادة:[ ... فإنها خارجة من مخرج الصحيح فإنها عند البيهقي من طريق عبد الله البوشنجي أحد الائمة الكبار في الحفظ والفقه وسائر فنون العلم، رواها عن الليث بالسند الذي ساقه البخاري](٥).
(١) المحلى ٦/ ١٥ - ١٦. (٢) المصدر السابق ٦/ ٢٢ - ٢٣. (٣) المصدر السابق ٦/ ٢٠. (٤) سنن البيهقي ٩/ ٢٧٠. (٥) فتح الباري ١٢/ ١١٠.