إِلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ تَحْفُرَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا، وَتَدْفِنُهُ بِاللَّيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا لِئَلَّا يَفْتَتِنَ النَّاسُ بِهِ (١) .
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا رَآهُمْ يَتَنَاوَبُونَ مَكَانًا يُصَلُّونَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَوْضِعَ نَبِيٍّ يَنْهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاتِّخَاذِ آثَارِ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِيهِ فَلْيُصَلِّ (٢) وَإِلَّا فَلْيَذْهَبْ.
فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِمَّا كَانُوا يُحَقِّقُونَ بِهِ التَّوْحِيدَ الَّذِي أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ الرَّسُولَ إِلَيْهِمْ، وَيَتَّبِعُونَ فِي ذَلِكَ سُنَّتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالْإِسْلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَنْ لَا تَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ، وَأَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَ، لَا نَعْبُدُهُ بِالْبِدَعِ.
فَالنَّصَارَى خَرَجُوا عَنِ الْأَصْلَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْمُبْتَدِعُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ النَّصَارَى يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْمَسِيحَ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَوَارِيِّينَ رُسُلٌ شَافَهَهُمُ اللَّهُ بِالْخِطَابِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ، وَيَقُولُونَ أَيْضًا: إِنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ.
وَالرَّافِضَةُ تَجْعَلُ الْأَئِمَّةَ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَفْضَلَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ
(١) هَذِهِ الْوَاقِعَةُ ذَكَرَهَا الطَّبَرِيُّ فِي كَلَامِهِ عَنْ فَتْحِ السُّوسِ فِي حَوَادِثِ السَّنَةِ السَّابِعَةَ عَشَرَ، كَمَا ذَكَرَهَا الْبَلَاذُرِيُّ (أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ) فِي الْكَلَامِ عَنْ فَتْحِ السُّوسِ، ص [٠ - ٩] ٨٦ (الطَّبْعَةُ الْأُولَى، الْقَاهِرَةُ) ١٣١٩/١٩٠١.(٢) ن، م: فَلْيَفْعَلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute