فَإِنَّهُ حَالَ قُدْرَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الِاسْتِقْلَالِ يُمْتَنَعُ قُدْرَةُ الْآخَرِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، وَلَا يَكُونَانِ (١) فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ كُلٌّ مِنْهُمَا قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَهُ مَرَّتَيْنِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ. لَكِنَّ الْمُمْكِنَ أَنْ يُقَدَّرَ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْآخَرُ فَاعِلًا (٢) وَبِالْعَكْسِ، فَقُدْرَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَشْرُوطَةٌ بِعَدَمِ فِعْلِ الْآخَرِ مَعَهُ، فَفِي حَالِ فِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ (٣) مِنْهُمَا يُمْتَنَعُ قُدْرَةُ الْآخَرِ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْمُتَعَاوِنَيْنِ لَا يَقْدِرَانِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، كَمَا هُوَ الْمُمْكِنُ الْمَوْجُودُ فِي الْمُتَعَاوِنَيْنِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، كَانَ هَذَا بَاطِلًا [أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي] (٤) .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمَا إِنْ كَانَا قَادِرَيْنِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، أَمْكَنَ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا مَقْدُورَهُ وَهَذَا مَقْدُورَهُ، فَيَلْزَمُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ قُدْرَةُ أَحَدِهِمَا مَشْرُوطَةً بِتَمْكِينٍ الْآخَرِ لَهُ، وَهَذَا مُمْتَنَعٌ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَيْضًا، فَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ أَحَدُهُمَا (٥) ضِدَّ مُرَادِ الْآخَرِ، فَيُرِيدُ هَذَا تَحْرِيكَ جِسْمٍ وَهَذَا تَسْكِينَهُ، وَاجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ مُمْتَنَعٌ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَحَدُهُمَا إِرَادَةَ الْفِعْلِ إِلَّا بِشَرْطِ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ لَهُ، كَانَ عَاجِزًا وَحْدَهُ، وَلَمْ يَصِرْ قَادِرًا إِلَّا بِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ
(١) ن، م: فَلَا يَكُونُ.(٢) ب (فَقَطْ) : لَكِنَّ الْمُمْكِنَ أَنْ يُقَدَّرَ هَذَا فَاعِلًا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْآخَرُ فَاعِلًا، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي (ن) ، (م) ، (ا) .(٣) وَاحِدٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .(٤) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .(٥) ب: كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا. فَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ أَحَدُهُمَا. . . إِلَخْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute