قَالُوهُ الْكُفَّارَ الَّذِينَ قَالُوا: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [سُورَةِ الْمُلْكِ: ١٠] وَفَرَّعُوا مِنَ الْكَلَامِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ وَأَفْعَالِهِ مَا هُوَ بِدْعَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلشَّرْعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْعَقْلِ، كَمَا هِيَ مُخَالِفَةٌ لِلشَّرْعِ.
وَالَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ هُنَا يُعْلَمُ بِهِ دَلَالَةُ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ يُخْطِئُ فِي كَثِيرٍ مِنْ دَلَائِلِهِ، وَمَسَائِلِهِ (١) ، فَلَا يَسُوغُ، وَلَا يُمْكِنُ نَصْرُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا، بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يُقَالَ إِلَّا الْحَقَّ قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [سُورَةِ الْأَعْرَافِ: ١٦٩] .
وَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ نَصْرَ حَقٍّ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمِلَّةِ أَوْ رَدَّ بَاطِلٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ نُصِرَ بِالطَّرِيقِ الَّذِي يُفِيدُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ دَلِيلُهُ عَلَى طَرِيقَةِ طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ (٢) بُيِّنَ كَيْفَ يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ بِطَرِيقَةٍ مُؤَلَّفَةٍ مِنْ قَوْلِهَا وَقَوْلِ طَائِفَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّ تِلْكَ الطَّائِفَةَ أَنْ تُوَافِقَ طَائِفَةً مِنْ طَوَائِفِ (٣) الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تَخْرُجَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ أَنْ تُوَافِقَ الْمَعْقُولَ الصَّرِيحَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَخْرُجَ عَنِ الْمَعْقُولِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْقَوْلُ كُلَّمَا كَانَ أَفْسَدَ فِي الشَّرْعِ كَانَ أَفْسَدَ فِي الْعَقْلِ، فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يَتَنَاقَضُ، وَالرُّسُلُ إِنَّمَا أَخْبَرَتْ بِالْحَقِّ، وَاللَّهُ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ، وَالرُّسُلُ بُعِثَتْ بِتَكْمِيلِ الْفِطْرَةِ، لَا بِتَغْيِيرِ الْفِطْرَةِ. قَالَ تَعَالَى: (٤)
(١) وَمَسَائِلِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.(٢) ن، م: السُّنَّةِ.(٣) طَوَائِفِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .(٤) ن، م: كَقَوْلِهِ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute