(١٥٩) أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، قال: قال الشافعي - رحمه الله -: «وكان المسلمون مُستضعَفين بمكة، زمانًا، لم يؤذَن لهم فيه بالهجرة منها، ثم أَذِن الله لهم بالهجرة، وجعل لهم مخرجًا، فيقال فنزلت:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[الطلاق: ٢] فأعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ قَد جَعل اللهُ لهم مخرجًا قال:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} الآية [النساء: ١٠٠].
وأمرهم ببلاد الحَبَشة، فهاجرت إليها منهم (٢) طائفة.
ثم دخل أهلُ المَدينةِ الإسلامَ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طائفةً، فَهاجَرت إليهم غَيرَ مُحَرِّمٍ على مَن بَقِيَ تَركَ الهِجرة، وذكر اللهُ - عز وجل - أَهل الهجرة، فقال:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ}[التوبة: ١٠٠] وقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}[الحشر: ٨] وقال: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[النور: ٢٢] قال: ثُم أَذِن اللهُ لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة، فهاجر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ولم يُحَرِّم -في هذا- على مَن بَقِي بمكة، المقام بها، وهي دار شرك -وإن قَلُّوا- بأن يفتنوا (٣) ولم يأذن لهم بجهاد.
(١) في «د»، و «ط» (الأذان). (٢) كلمة (منهم) ليست في «د». (٣) في «م» (يبقوا).