أعز العرب (١) - وكُفُّوا عن الحَرب (٢)، فقالوا: بَجير بِشِسْع كُلَيب، فقاتلهم وكان مُعتَزِلًا.
قال: فيقال إنه نزل في ذلك وغيره مِمَّا كانوا يحكمون به في الجاهلية هذا الحكم الذي أحكيه بعد هذا، وحكم الله بالعدل، فَسَوَّى في الحكم بين عباده الشريف منهم، والوضيع، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٥٠] فيقال: إن الإسلام نزل وبعضُ العَرب يَطلُبُ بَعضًا بدماء وجراح، فنزل فيهم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}[البقرة: ١٧٨]» (٣).
قال: «كان بَدءُ ذلك في حَيَّيْن مِن العرب، اقتتلوا قبل الإسلام بقليل، وكان لأحد الحَيَّيْن فَضلٌ على الآخَر، فأقسموا بالله لَيَقْتُلن بالأنثى الذَّكرَ، وبالعبدِ منهم الحُرَّ، فلما نزلت هذه الآية = رضوا وسَلَّموا.
قال الشافعي: وما أَشْبَه ما قَالوا -مِن هذا- بما قالوا؛ لأن اللهَ - عز وجل - إنما ألزم كُلَّ مُذنبٍ ذَنبَه، ولم يجعل جُرْمَ أحدٍ على غيره فقال:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ} إذا كان واللَّهُ أَعْلَمُ قاتلًا له {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} إذا كان قاتِلًا له، {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} إذا كانت قاتلة لها، لا أن يُقْتل بأحد مِمَّن لم يقتله، لِفَضل المَقتُول على القاتل.
وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعدى الناس على الله - عز وجل - مَن قَتَل غَيرَ
(١) قوله: (وهو أعز العرب) ليس في «م». (٢) قوله: (وكفوا عن الحرب) ليس في «د»، و «ط». (٣) «الأم» (٧/ ٢٢).