يقوم بالشّغل بدلاً منهم، وأنهم خافوا على أهليهم وديارهم من الغزو، وهم في الحقيقة تخلّفوا مخافة القتل، وليس صحيحاً ما زعموه.
﴿شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا﴾: للتكثير والمبالغة، ولم يقولوا شغلنا.
﴿فَاسْتَغْفِرْ لَنَا﴾: الفاء السّببية ربط السّبب بالمسبب، استغفر لنا الله من التّخلف وعدم الخروج معك. وطلبهم الاستغفار هو طلب رياء وليس حقيقة أو جادين في طلب الاستغفار؛ والدليل على ذلك: ﴿يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ﴾. وهذا من علامات النّفاق؛ أي: يقولون كذباً.
ولم يقل يقولون بأفواههم كما ورد في آل عمران آية (١٦٧) القول بالأفواه أقوى وآكد من القول باللسان؛ لأنّ اللسان جزء من الفم فإذا كان القول فيه مبالغة أو توكيد، ذُكرت الأفواه، ولو نظرنا في هذه الآية من سورة الفتح والآية (١٦٧) من سورة آل عمران لوجدنا: (يقولون بألسنتهم) جاءت على لسان الذين تخلّفوا عن الحديبية والخروج مع الرسول ﷺ للعمرة، وزعموا أنهم مشغولون بأموالهم وأهليهم.
أما (يقولون بأفواههم): جاءت على لسان الذين تخلّفوا عن معركة أحد والقتال فيها فقد قالوا: لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم. فهو سبحانه استعمل كلمة أفواههم في غزوة أحد التي حدث فيها قتال كبير، واستعمل ألسنتهم في صلح الحديبية الذي لم يحدث فيه قتال.
﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾: قل لهم يا رسول الله ﷺ، لهؤلاء الذين